متى يتوقف ″مسلسل الموت″ على طريق الضنّية؟… عبد الكافي الصمد

“طالعين على السفيرة الغالية. إدعوا لنا نقطع خط التماس من البياض إلى أول الأوتوستراد في المراح بسلام”.

بهذه العبارة علق أحد المواطنين من أبناء بلدة السفيرة في أعالي جرود الضنية على مواقع التواصل الإجتماعي، قبل توجهه صعوداً من طرابلس لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في مسقط رأسه والبلدة الأكبر في جرد الضنية، وحيث الحصن الروماني الأثري الشهير.

تعليق المواطن الضناوي بهذا الشكل نابع من أن الطريق الرئيسية التي تربط الضنية بمدينة طرابلس، وتحديداً تلك المنطقة الواقعة بين منطقة البياض وصولاً إلى مدخل الأوتوستراد في بلدة مراح السراج، قد تحوّلت إلى “مصيدة”، أو “خط تماس” كما وصفها، تكثر فيها حوادث السير المميتة التي تشهدها الطريق يومياً، والتي يسقط بسببها ضحايا وجرحى، والذين كان آخرهم محمد خضر عراج، إبن بلدة السفيرة، الذي لقي حتفه في حادث سير أليم في تلك المنطقة، بالقرب من مدخل بلدة كفرحبو.

في الأشهر الأخيرة تكاثرت حوادث السير التي تقع على طريق الضنية بشكل مخيف، وأثارت قلقاً ورعباً كبيرين لدى الأهالي الذين يعبرونها يومياً لقضاء أشغالهم، حتى أن أغلبهم يضعون أيديهم على قلوبهم في ذهابهم وإيابهم، لأنهم باتوا لا يدركون إن كانوا سوف يعبرونها بسلام أم لا، أو أنهم سيصلون إلى بيوتهم وأشغالهم بسلام.

فيكاد لا يمرّ يوم من غير أن تشهد الطريق المذكورة حوادث سير، يقع ضحيتها قتلى وجرحى فضلاً عن أضرار مادية ومعنوية كبيرة، وخصوصاً في منطقة البياض الواقعة بين مدخل بلدة كفرحبو ومدخل بلدة كفرشلان؛ وفي بلدة كفرشلان إبتداءً من محلة وادي الفحام ومعمل “مينا” وصولاً إلى مُجمّع الشامي السكني، إضافة إلى ضيق الطريق في بلدة مراح السراج، وصولاً إلى مدخل الأوتوستراد الذي يسلكه العابرون باتجاه القطاع الشرقي من الضنية وجردها.

لكن تكاثر حوادث السير هذه، خصوصاً خلال أشهر الصيف التي تشهد فيه الطريق الوحيدة الرئيسية التي تربط الضنية بطرابلس، نتيجة إقبال المصطافين والمغتربين بكثرة إلى المنطقة، لم تدفع أي جهة مسؤولة، لا وزارة الداخلية ولا البلديات ولا هيئات المجتمع المدني وغيرها، إلى التحرّك للحؤول دون وقوع حوادث السير المميتة، أو على الأقل للتخفيف منها، وكأن ما يحصل على الطريق المذكورة من حوادث يسقط بسببها ضحايا لا يعني أحداً في المنطقة، أو أن الموت والإعاقة بسبب حوادث السير على تلك الطريق قد بات أمراً طبيعياً.

ومع أنه لم يعد خافياً أن السرعة الزائدة في قيادة السيارات هي السبب الرئيسي بوقوع تلك الحوادث، لأن سائقين متهوّرين وعديمي المسؤولية يقودون بجنون كبير سياراتهم على تلك الطريق، وعبور سيارات عليها لا تملك مواصفات السلامة العامة، فإن وضع رادرات ثابتة في أماكن معينة على تلك الطريق، أو نصب عدة حواجز ثابتة وطيّارة لقوى الأمن الداخلي، وحتى وضع مطبات عليها، بقيت مجرد أفكار وطروحات لم تبصر النور، عدا عن عدم وجود إجراءات السلامة الأخرى للتخفيف من تلك الحوادث، وأبرزها إنارة الطريق ليلاً، ووضع إشارات سير وغيرها عليها.

إن حفلة الجنون التي تشهدها طريق الضنية ـ طرابلس يومياً، وتحصد قتلى وجرحى آن لها أن تنتهي، وبات ضرورياً أن يتوقف عدّاد الموت والحوادث عند هذا الحدّ، وإلا فإن الآتي سيكون أعظم، وأن مسلسل الموتى والجرحى بسبب حوادث السير قد يزرو كل بيت في الضنّية.

Post Author: SafirAlChamal