مصير الحكومة مجهول.. والبلد يُجرّ إلى حافّة الهاوية…عبد الكافي الصمد

تبدّدت سريعاً أجواء التفاؤل الخجولة التي سادت قبل نحو أسبوعين تقريباً بما يتعلق بتأليف الحكومة العتيدة، بعدما روّجت إحتمال أن يستطيع رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري أن يُخرج تشكيلته الحكومية إلى العلن خلال فترتي الأعياد، الممتدة بين مناسبة عيد إنتقال السيدة مريم العذراء، يوم الأربعاء الماضي، وعيد الأضحى المبارك الذي سيحلّ يوم غد، وترويج متفائلين بأن الحكومة ستكون العيدية التي ستقدم إلى اللبنانيين.

لكن أجواء التفاؤل هذه لم تكن أفضل من سابقاتها فقبل عيد الفطر منتصف حزيران الماضي سادت في البلاد أجواء تفاؤل مماثلة، تحدثت عن اقتراب إبصار حكومة الحريري النور، بعدما كُلّف بمهمة تأليفها في 24 أيار الماضي، وكذلك قبل موعد ذكرى عيد الجيش اللبناني في أول شهر آب الماضي، ولكن هاتين المناسبتين مرتا وموعد تأليف الحكومة الحريرية بقي غامضاً ومجهولاً.

تعثّر تأليف الحكومة واستغراقها كل هذه الفترة الزمنية، من غير إحراز أيّ تقدم فعلي على صعيد حلحلة العقد وتجاوز العقبات التي تعترضها، بات عبئاً تقيلاً على الرئيس المُكلّف وعلى العهد معاً، لأن هذا التأخر بدأ يأكل من رصيدهما، ويعطي إنطباعاً عن فشل الحريري والعهد سوياً، لأن كل يوم تأخير يمرّ في مسألة التأخير بتأليف الحكومة سيكون على حساب الطرفين معاً، ولو بنسب متفاوتة.

وبات واضحاً أن التأخير في تشكيل الحكومة يضيف عقداً جديدة، ويضع عقبات وعراقيل أخرى أمامها. فالعقد لم تعد مقتصرة على حجم التمثيل المسيحي والصراع في هذا المجال بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية تحديداً، ولا حصرية التمثيل الدرزي كما يطالب به النائب السابق وليد جنبلاط، ومثله حصرية التمثيل السنّي كما يسعى إليه الحريري، ولا تحديد الأسماء وتوزيع الحقائب كما يشتهي البعض، بل أضيف عليها عقد جديدة ما جعل الأمور تزداد تعقيداً، وتتأزم أكثر، وينبىء أن الأيام المقبلة ستكون أصعب وأشد تعقيداً، وأن مصير تأليف الحكومة قد دخل في المجهول.

فقد دخل على خط العقد عقدتان جديدتان، خارجيتان هذه المرّة وليستا داخليتين، الأولى إفتعلها الحريري بنفسه عندما رفض أن يكون شرط تأليف الحكومة تطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا نهائياً، أو بعبارة أصح تطبيع العلاقة الشخصية بينه وبين القيادة السورية، لأن العلاقة بين كلا البلدين قائمة، سواء من حيث التنسيق الأمني أو تبادل السفراء أو لقاءات وزراء ومسؤولين ما يعني أن الأمر ما يزال ينقصه سوى مبادرة الحريري شخصياً في هذا المجال، وهو ما نصحه به كثيرون، من حلفائه وخصومه على حدّ سواء، من أجل مصالح البلاد العليا، وأبرزها معالجة ملف النازحين السوريين في لبنان، وتفعيل الإتفاقيات الإقتصادية بما يسمح بتسهيل عبور شاحنات النقل اللبنانية معبر نصيب بين سوريا والأردن باتجاه دول الخليج.

أما العقدة الثانية فتتعلق بالمحكمة الدولية المختصة بالتحقيق باغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث بدأت أوساط الحريري تروّج عن أن المحكمة ستصدر قرارها بهذا الخصوص في شهر أيلول المقبل، وأن ″هذا العامل بات يشكل أحد العناصر الخفية في الضغوط والتعقيدات التي تعترض تأليف الحكومة بسرعة، بعدما بدأ إستحقاقها يتحوّل إلى أزمة فعلية″.

هذه الأجواء جعلت الأمور تتعقد أكثر، إلى حدّ أن كثيرين باتوا يراهنون بأن العام الحالي سينتهي من غير أن تبصر الحكومة النور، تعبيراً منهم عن تشاؤمهم من إهتراء البلد بهذا القدر وشلّه، وجرّه مُكرهاً نحو حافة الهاوية مجدّداً.

مواضيع ذات صلة:

  1. هل طلب الحريري وساطة فرنسية لدى السّعودية لتسهيل تأليف الحكومة؟…عبد الكافي الصمد

  2. هل وصلت رسائل عون الى الحريري؟… عبد الكافي الصمد

  3. الحريري ينتظر ″غودو″: هل تأتي ″سين ـ سين″ جديدة لمساعدته؟…عبد الكافي الصمد

 

Post Author: SafirAlChamal