قيادة المستقبل تلعب بالشّارع.. لرد اعتبار مفقود… عبد الكافي الصمد

بعيداً عن الكلام الذي أطلقه الإعلامي سالم زهران بحق الرئيس سعد الحريري، وهو كلام غير مقبول في أدبيات التعاطي الإعلامي والسياسي التي تشهد إنحداراً وتدهوراً في السنوات الأخيرة في لبنان، فإن تحرّك أنصار الحريري الإحتجاجي في الشارع رفضاً لما تعرّض له ″زعيمهم″، يعتبر أيضاً مرفوض وغير مقبول.

غير أن ردّ فعل مناصري التيار الأزرق بدا غريباً وغير مقنع، وطرح تساؤلات وعلامات إستفهام حوله، وجعله موضع متابعة وتحليل من أغلب المتابعين والمراقبين، الذين توقفوا عند نقاط عدة، من أبرزها:

أولاً: الكلام الذي أطلقه زهران بحق الحريري، الذي رأى أن الحريري سيذهب إلى سوريا إذا طلب منه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ذلك، كان في برنامج “بموضوعية” على شاشة تلفزيون ″إم. تي. في″ يوم الأربعاء الماضي. والمفارقة أن أي ردّ فعل على كلام زهران في الشارع لم يصدر ليلتها، ولا صباح التالي التالي، بل لم يتحرّك الشارع المستقبلي ويقطع بعض الطرقات، في العاصمة وخارجها، بالإطارات المشتعلة إلا بعد مرور نحو 24 ساعة على بثّ الحلقة، ما يؤكد أن التحرّك لم يكن عفوياً وإبن ساعته.

ثانياً: أثار لجوء التيار الأزرق إلى الشارع والإستعانة به عند اللزوم لغايات وأهداف سياسية تساؤلات عدّة، حول مصداقية مسؤولي التيار في مواقفهم الرافضة للإحتكام إلى الشارع بعدما   لوّح بعض القوى والفرقاء السياسيين بذلك. وأكد المسؤولون الزرق مراراً أن استخدام الشارع في اللعبة السياسية أمر خطير ومرفوض، فماذا عدا ممّا بدا.

ثالثاً: لا يبدو مقنعاً تبرير تيار المستقبل أن نزول مناصريه إلى الشارع، ولو أبدى إعتراضه عليه شكلياً في بيان رسمي، بأنه من أجل ردّ الإعتبار للرئيس الحريري ورفض الإساءة إليه، لأن هذا الجمهور لم يحرّك ساكناً يوم احتجز الحريري قسرياً في السعودية 14 يوماً وأجبر على تقديم إستقالته فيها، بشكل لم يتعرّض له أي رئيس حكومة لبناني قبله.

رابعاً: إذا كان تيار المستقبل حريصاً على المقامات السنّية، وعلى رأسها مقام رئيس الحكومة كما يدّعي، برغم أن وقائع كثيرة تثبت أن أحداً لم يتطاول على المقامات السنّية كما تطاول هو. فأين كان التيار الأزرق بقياداته وجمهوره يوم تعرّض زهران نفسه للرئيس نجيب ميقاتي قبل أيام، وأين كان حرصهما على المقامات السنّية يوم حرّضا على اقتحام السرايا الحكومي الكبير، فقط لأن الحريري خرج منها وأعلن رفضه وجود أحد سواه فيها جالساً على كرسي الرئاسة الثالثة؟

خامساً: أثار تحرّك تيار المستقبل الإحتجاجي في الشّارع إستياءً كبيراً في صفوف أغلب المواطنين، لأنه جاء عشية عيد الأضحى المبارك، ما ألحق أضراراً كبيرة بحركة الأسواق التي تعاني من ركود وتنتظر فترة الأعياد للخروج من جمودها، وتحديداً في طرابلس التي تعاني أكثر من سواها من بقية المدن والمناطق اللبنانية؛ كما أن قطع الطرقات أدى إلى تعذر وصول المواطنين للأسواق والمحال للتبضع، أو في ذهابهم وإيابهم على طرقات وجدوها مغلقة أمامهم من قبل مناصري تيار المستقبل.  

سادساً: إتضح أن التحرّك المستقبلي في الشارع، بإيعاز مباشر من قيادته، كان يهدف إلى أمرين: الأول الردّ على أي احتمال بسحب تكليف تأليف الحكومة من الحريري؛ والثاني أن التحرك كان محاولة جسّ نبض للشارع، لمعرفة مدى استعداده للتضامن مع تيار المستقبل والحريري في حال طُلب منه ذلك.

Post Author: SafirAlChamal