من يحمي أطفال عكار من الغرق في مجاري الأنهر ؟…نجلة حمود

يلقي تكرار الحوادث المؤلمة التي يتعرض لها فقراء عكار، لجهة وفاة الأطفال والمراهقين في البحر ومجاري الأنهر، الضوء على مدى الاهمال والفوضى العارمة في المحافظة، والتي يسجل فيها أرقاما قياسية لوفاة الأطفال، جراء غياب الاهتمام الرسمي، وانعدام التوعية، فضلا عن عدم إقامة السدود وشباك الحماية ووضع لافتات تحدد عمق المياه (التي تصل في بعض الأحيان الى 5 أمتار) وسرعة جريانها.

أضيف يوم أمس الطفل خالد احمد الحسين (4 سنوات) من بلدة تلبيرة، الى سجل حوادث الغرق في أنهر عكار وذلك اثناء تواجده مع عائلته عند مجرى نهر عرقا.

تشكل مجاري الأنهر فسحة لشريحة واسعة من العكاريين الذين يلجأون إليها لإطفاء لهيب الصيف وممارسة السباحة، بعيدا عن المسابح الخاصة المكلفة.

وتعد الأنهر المنتشرة في مختلف أرجاء المحافظة مركز استقطاب للباحثين، عن تمضية عطلة نهاية الأسبوع على ضفاف نهر الأسطوان، الذي يخترق غالبية بلدات منطقة الدريب الأوسط، وتحديداً بلدات دير جنين، مزرعة بلدة، السويسة، كوشا، خريبة الجندي، إضافة إلى نهر عرقة في منطقة الشفت، والذي يخترق بلدات القنطرة، وبقرزلا، كرم عصفور والحاكور، ونهر البارد في منطقة جرد القيطع وتحديدا في بلدات قبعيت وحرار وغيرها من أنهر أو جداول، تشكل متنفسا للعكاريين، وللعديد من أبناء مناطق الشمال الباحثين عن الراحة في أحضان الطبيعة الخلابة، التي تتميز بها تلك المنطقة.

وقد تمكنت غالبية المؤسسات السياحية المتواضعة التي أنشئت على ضفاف تلك الأنهر من لعب دور مميز على صعيد جذب الزوار، الذين يلجأون للسباحة ويجدون حاجياتهم لتمضية ″سيران″ هادئ وغير مكلف. الأمر الذي يشكل متنفساً للاقتصاد العكاري ويساهم في تنشيط الحركة التجارية، وهو ما يفسر كثرة المقاهي الموسمية التي يتم افتتاحها فقط خلال فصل الصيف.

كل ذلك من دون مراعاة الشروط الفنية وشروط السلامة العامة لجهة الحرص على سلامة الزوار، أو نظافة المياه التي يتم اللجوء إليها واستخدامها لإعداد الطعام وغسل الفاكهة. ويطرح تكرار الحوادث التي يتعرض لها الأطفال، سلسلة تساؤلات عن دور البلديات وغيرها من المؤسسات الرسمية المعنية، خصوصا وزارة السياحة ووزارة الصحة، إذ أن التلوث بادٍ في أنهر عدة تحولت الى أماكن للصرف الصحي ومكبا للنفايات.

وبالرغم من ذلك يبدو واضحا تنامي ظاهرة لجوء الاهالي الى الأنهر، غير آبهين بكثرة التعديات التي تطال الأنهر والمتمثلة بمجاري الصرف الصحي، التي تصب من مختلف القرى باتجاه الأنهر والبحيرات التي يعتمدها الزائرون للسباحة ويشربون منها من دون معرفتهم المسبقة بتلك المجاري، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار أمراض عدة وتحديدا ″السلمونيلا″.

أمام هذا الواقع يبدو من المستحيل إقناع المواطنين بمخاطر السباحة في الأنهر في ظل غياب بديل، لأن الأوضاع المادية الصعبة للأهالي هي التي تحدد خياراتهم، وبالتالي فإن الأنهر تبقى الملجأ الوحيد للترويح عن النفس رغم الأضرار والمخاطر الكثيرة. وتبقى عكار على موعد مع مآس جديدة.

مواضيع ذات صلة:

  1. كارثة آل كساب في عكار.. الشقيقان أسامة وبلال بأي ذنب غرقا… نجلة حمود

  2. عكار: التلوث يخنق المواطنين.. والمعنيون يكتفون برفع التقارير…نجلة حمود

Post Author: SafirAlChamal