الحريري- باسيل.. على ماذا كل هذا التفاؤل؟…غسان ريفي

من يسمع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لدى خروجه في كل مرة من قصر بعبدا او من عين التينة او بعد الزيارات التي يجريها او الاستقبالات التي يقوم بها، يكاد يصدق بأن الدنيا بألف خير وان تشكيل الحكومة هو مجرد عملية روتينية وان لا تجاذبات ولا صراعات ولا حصص ولا عقد ولا تدخلات ولا تصفية حسابات، بل توافق سياسي كامل على النهوض بالبلد.

لا شك في ان اللقاء الاخير الذي عقد بين الحريري والنائب جبران باسيل وما تم تسريبه عن اجواء ممتازة وايجابية بين الرجلين حول سرعة تشكيل الحكومة، من شأنه ان يستفز كثيرا من اللبنانيين الخائفين من مستقبل مجهول في ظل تنامي الصراعات السياسية في بلد يفتقد لكل أشكال المناعة لا سيما الاقتصادية، بينما يبدو واضحا ان كل المعنيين بتشكيل الحكومة وعلى رأسهم الحريري وباسيل يبيعون اللبنانيين كلاما بكلام، ويفرشون أمامهم الورود، قبل ان يكتشفوا في كل مرة ان طرقاتهم تزداد أشواكا ومخاطر.

يشبّه كثير من اللبنانيين الوضع الحكومي بقصة الراعي الذي لم يعد الأهالي يصدقونه بأن “الذئب يريد الانقضاض على قطيعه”، حيث لم يعد احد في لبنان يصدق بأن حكومتهم ستتشكل، وهي ان تشكلت فان التجاذبات والصراعات التي سبقت التشكيل قد أفقدتها رونقها وأفقدت اللبنانيين الفرح بها خصوصا امام المعضلات والتحديات الكثيرة التي من المفترض ان تواجهها، وإمكانية انتقال الصراعات الى داخلها، ما يمكن ان يطيح بها، او قبل ذلك في مجلس النواب بحجب الأكثرية النيابية الثقة عنها وهو أمر يتم التداول به في كثير من الدوائر .

لا يوجد في لبنان من لا يقرأ الوضع السياسي جيدا، واذا كان ثمة اتفاق حصل بين الحريري وباسيل حول التشكيلة الحكومية، فمن منهما سيقدم التنازل؟، هل سيتخلى باسيل عن الثلث المعطل (11 وزيرا)؟ أم سيتخلى الحريري عن القوات؟ وهل ستقبل القوات بالدخول الى الحكومة من دون حقيبة سيادية او منصب نائب رئيس مجلس الوزراء؟ وهل سيخضع الحريري لتشكيل حكومة أمر واقع من دون القوات؟ وفي حال حصل ذلك كيف سيواجه الرئيس المكلف غضب السعودية التي تعتبر سمير جعجع حليفها الاول في لبنان؟.

ثم بعد ذلك، ماذا عن العقدة الدرزية واصرار وليد جنبلاط على الحصة الكاملة درزيا؟، وهل سيضحي به الحريري ويحمل تداعيات ذلك محليا وإقليميا؟، ام سيخضع باسيل ويضحي بالنائب طلال ارسلان؟، وكيف سيتعاطى الحريري سنيا؟، وكيف سيواجه رغبة قوى 8 آذار بتمثيلها بوزير سني؟، وهل سيضرب بعرض الحائط كل الدعم الذي قدمه له الرئيس نجيب ميقاتي ويدفعه مع كتلة “الوسط المستقل” الى معارضة شرسة في وقت هو بأمس الحاجة الى وقوف ميقاتي الى جانبه في المرحلة المقبلة، كونه بحاجة ماسة الى غطاء سني من خارج “المستقبل”؟.

اللافت ان دائرة الحريري تصر حتى بعد لقائه مع باسيل على انه متمسك بحكومة وحدة وطنية، بينما تؤكد الدائرة المحيطة بباسيل على تمسكه بحصة التيار الوطني الحر كاملة الى جانب حصة رئيس الجمهورية، ما يؤكد ان الطريق ما يزال مسدودا امام التوافق الحكومي، والمستغرب في ذلك ان الحريري وباسيل يصران على التفاؤل بقرب ولادة الحكومة، حيث ينطبق عليهما قول: أسمع كلامك اصدقك.. أشوف أمورك أتعجب!…

Post Author: SafirAlChamal