هل طلب الحريري وساطة فرنسية لدى السّعودية لتسهيل تأليف الحكومة؟…عبد الكافي الصمد

قبل أقل من سنة من الآن، وتحديداً في منتصف شهر تشرين الثاني من العام الماضي، أسهمت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للسعودية، بمبادرة منه، في إخراج الرئيس سعد الحريري منها، بعد إقامة قسرية امتدت أسبوعبن قدّم خلالها إستقالة حكومته، قبل أن يتراجع عن هذه الإستقالة بعد شهر من تقديمها، لتطوى بذلك واحدة من أكثر الصفحات دراماتيكية في تاريخ رئاسة الحكومة في لبنان.

ففي الخامس من شهر تشرين الثاني 2017 قدّم الحريري إستقالة حكومته من السعودية خلال زيارة عاجلة قام بها إلى المملكة، وهي أول إستقالة يُقدّمها رئيس حكومة لبناني من خارج بلاده في سابقة لم تحصل من قبل، ما فُسّر حينها بأنها إستقالة قسرية أُجبر الحريري عليها، وهو ما دفع الرئيس الفرنسي ماكرون لزيارة الرياض على عجل، والإسهام بإخراج الحريري (الذي يحمل الجنسية الفرنسية) من السعودية في 18 من الشهر نفسه باتجاه العاصمة الفرنسية باريس، قبل أن يقوم من بيروت بالعودة عن إستقالته.

سرد هذه الحادثة ليس بهدف التذكير بها، إنما لربطها بالزيارة الأخيرة التي قام الحريري إلى باريس نهاية الأسبوع الماضي، والتي قيل إنها زيارة خاصة، لكن معلومات صحافية نقلت عن مصادر سياسية رفيعة المستوى، أوضحت أن التعقيدات التي تواجه الحريري في ملف تشكيله حكومته، دفعته إلى ″طلب وساطة فرنسية للتدخل مع الرياض لتسهيل تأليف ‏الحكومة″.

وأفادت المصادر أن ″ثمّة معلومات أكيدة ‏تملكها، تؤكد أنّ القصد من الزيارة التي قام بها الحريري إلى فرنسا أخيراً، هو طلب تدخّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرة ثانية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتسهيل ولادة الحكومة في لبنان، علماً أنّ ‏ماكرون تدخّل مع السعوديين منذ فترة غير بعيدة، بناء على طلب الحريري، من دون أن يلقى إستجابة من قبل ‏السعوديين″.

وأضافت المعلومات أن الحريري ″تلقى نصائح فرنسية بأن عليه أن لا ينتظر الضوء الأخضر الأميركي، والمبادرة سريعاً لتفعيل أقنية الإتصال مع الجانب الروسي المؤثر في المعادلة الإقليمية، لتسريع تأليف الحكومة الجديدة″.

طلب الحريري وساطة ماكرون لدى السعودية لتسهيل ولادة الحكومة يدلّ على أمرين: الأول أن رئيس الحكومة المُكّلف يأمل أن يلعب الرئيس الفرنسي دوراً شبيهاً بذلك الذي قام به يوم إخراجه من السعودية، بعدما ثبت أن لفرنسا تأثيراً على المملكة، وأن يساعده في أمر تأليف الحكومة.. والثاني أن طلب الحريري يُستنتج منه أن السعودية هي التي تعرقل تأليفه الحكومة ولذلك طلب وساطة فرنسية للتأثير عليها، وهو تأثير لا يبدو أنه بمتناول اليد، بعدما أظهرت المعلومات أن ماكرون طلب من السعوديين ذلك، لكنهم لم يتجاوبوا معه، ما يُفسّر حجم العقد والصعوبات التي تواجه الحريري لتأليف حكومته.

لكن هذه المعلومات المُسرّبة يبدو أنها أحرجت الحريري، خصوصاً تجاه السعودية، فسارع مكتبه إلى نفي ما نُشر وسُرّب، وقوله إن زيارته الباريسية ″كانت محض عائلية، ولم يتخللها أي إتصالات أو لقاءات مع أي مسؤولين في الخارج″، مضيفاً أن ″علاقته مع القيادة السعودية عموماً وسمو ولي العهد خصوصاً هي علاقة أخوية ممتازة ومباشرة لا تحتاج إلى وساطة من أحد″، ونافياً أن تكون المملكة تتحمل ″مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة″.

 

Post Author: SafirAlChamal