السجناء يسقطون ضحايا التعذيب والاهمال.. كيف سيكون ردّ الأهالي؟… روعة الرفاعي

في السجون اللبنانية يبقى قدر السجناء ″التعذيب البطيء حتى الموت″ بسبب الأوضاع البائسة صحياً ونفسياً، وهذا الأمر ليس خافيا عن أحد، بل ان المسؤولين بأجمعهم يقرون بذلك ويعترفون به، بل ويؤكدون على أن ″تخلف السجون″ سيساهم في تخريج سجناء مدججين بالحقد والنقمة بدل التوبة والاصلاح.

واذا أهالي السجناء قبلوا قسراً بكل الظلم اللاحق بأبنائهم جراء التباطؤ بالمحاكمات وانهاء الملفات، واذا وافقوا على تقبل فكرة صدور براءة أبنائهم الذين قضوا داخل السجون سنوات طويلة أضاعوا فيها كل أحلامهم الجميلة بالعيش الكريم، فانهم حتما لن يسكتوا عن  تسلم جثث أبنائهم الواحدة تلو الأخرى من داخل سجون لا تمت للانسانية بصلة، ولا هي ترحم السجين من الضغوطات النفسية التي يعاني منها.

جلطة دماغية أو ذبحة قلبية لا يهم، المهم أن الموت غيب هلال خضر ابراهيم عن عائلته والتي كان من المتوقع أن تستقبله قريباً في منزلها بعدما انتهت مدة محكوميته، تماماً كما السجين عبد القادر سنجقدار والذي كان ينتظر الافراج عنه بعد شهر لكن الموت كان أسرع ليطرح الكثير من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هاتين الحادثتين: هل هو الاهمال؟، أم ان هناك شيئاً مدبراً لا سيما أن الطبيب الشرعي الذي كشف على السجين هلال أشار الى امكانية تسممه، لكن الأمر يحتاج الى تشريح الجثة وهذا ما لم يوافق عليه الأهل.

على كل حال الأهالي اليوم بصدد التحضير لمؤتمر صحافي يرفعون من خلاله الصوت عالياً للمطالبة ليس بالافراج عن أبنائهم أو الاسراع بمحاكمتهم أو اصدار العفو العام، وانما من اجل تأهيل السجون وعدم اهمالها من قبل المعنيين والا فان ثورة كبيرة ستندلع قريباً، بعدما باتت السجون تضج بالمساجين الذين تفتقر أوضاعهم لأدنى مقومات حقوق الانسان سواء لجهة المكان أو النظافة أو الأكل أو الرعاية، فهل سيكون للأهالي الصدى المسموع؟.

والدة هلال

والدة السجين هلال خضر ابراهيم من منطقة المنكوبين ابن الـ 30 سنة والذي توفي داخل سجن القبة تقول: بحسب ما أفادني بعض السجناء فان هلال بقي لأربع ساعات وهو يفترك في الأرض قبل أن يقدم آمر السجن المساعدة له، وبدلاً من أن تقوم ادارة السجن بابلاغي بخبر وفاته والطلب مني الحضور لاستلام جثته من المستشفى الحكومي، فان ابني بقي ليلة كاملة داخل براد المستشفى ليقوم رفاقه بالسجن في اليوم التالي بابلاغ أهلهم الذين قاموا بنقل الخبر لي!. وهنا أطرح السؤال أليس في الأمر جريمة يعاقب عليها القانون؟، هؤلاء هم أولادنا وقرة أعيننا، وان كانت الدولة لا تهتم لأمرهم فاننا نبكيهم اليوم بحرقة وألم، حرقة كونني والدة وألم كون ابني تألم وعانى، وفي المقابل لم يلق العناية من المسؤولين وكأنهم أرادوا قتله وانهاء حياته.

وتابعت: الطبيب الشرعي الذي كشف عليه شكك بأسباب الوفاة والتي قيل بأنها جلطة دماغية، لكن الأمر يتطلب تشريحاً للجثة لمعرفة ما اذا كان هلال قد تعرض لحالة تسمم، في البداية كأم مفجوعة لم أوافق على الأمر لكنني ندمت اليوم.

وتضيف: لدي ابن ثان في سجن الريحانية الواقع تحت الأرض، الرطوبة تأكل أجساد أبنائنا فهل ننتظر كي نتسلمهم من الدولة جثثاً الواحدة تلو الأخرى؟، ومن قال بأن السجن يجب أن يكون كالزريبة والتي لا يقبل العقل البشري أن يسجن فيها الحيوانات؟، نقول لهم “رضينا بالهم والهم ما رضي فينا، وعليه فاننا لن نسكت وسنرفع دعوى على آمر السجن بغية الوصول الى حقيقة وفاة ابني هلال كي لا يتعرض سجين آخر لنفس الظلم وكي أحافظ على حياة ابني الثاني.

وشقيقة سنجقدار

من جهتها أم حسن شقيقة السجين عبد القادر سنجقدار والذي توفي داخل سجن رومية بذبحة قلبية، تقول: أدخل أخي السجن بملف فتح الاسلام منذ 12 سنة وكان من المفترض خروجه بعد شهر تقريباً، وقبل وفاته بعشر دقائق كان يتحدث معي على الهاتف ولم يشتك من أي علة، لكنه في السابق كان يعاني من ضعف في عضلة القلب جراء التعذيب الذي تعرض له، ويوم وفاته بقي لفترة طويلة قبل انقاذه بسبب عدم وجود طبيب السجن كونه كان يوم أحد، الى أن تمت الموافقة على نقله من قبل آمر السجن، وبالرغم من وضعه الحرج لم يقبلوا الا بتمريره على آلة السكانر لمعرفة ما اذا كان يخفي شيئاً مع العلم بأنه كان يرتدي شورت قصير وبلوزة فأين يمكن اخفاء أي شيء؟، على كل حال وبعد جدل طويل تم نقله بواسطة شاحنة الى مستشفى الباشق، لكن شقيقي توفي قبل الدخول اليها.

ويقول المحامي علي زمزم: مما لا شك فيه بأن ظلماً يلحق بالمساجين كون السجون غير مهيأة لاستقبال هذا الكم الهائل منهم، وفي الوقت الذي يجب أن يكون فيه السجن اصلاح وتأهيل بات اليوم مفسدة للسجناء، وبالطبع هناك سجناء لحقهم الظلم من الناحية الطبية كما حصل مع السجين سنجقدار والذي كان من المتوقع خروجه بعد شهر واحد فقط، والكل يعلم بأن سنجقدار كان يعاني من ضعف في قلبه وبالرغم من المطالبات الحثيثة من قبل أهله بضرورة معالجته الا ان أحداً لم يتحرك حتى السفارة السويدية كونه يحمل الجنسية السويدية، ما جرى أن سنجقدار تعرض لوعكة صحية والطبيب لم يكن متواجداً كونه يوم عطلة، وبعد موافقة ادارة السجن على اخراجه تم عرضه على آلة السكانير لأكثر من مرة كل هذا ووضع السجين يسوء الى ان لفظ أنفاسه الأخيرة على باب السجن.

ويضيف: يقال بأن هناك معدات طبية داخل سجن رومية لكنها لا تزال مغلفة واذا ثبت ذلك بالفعل وتبين بأن اهمالاً لحق بالسجين سنجقدار ما أدى الى وفاته، فان رفع الدعوى القضائية بحق السجون ستؤتي ثمارها.

الأهالي وحسبما أفادوا سيثورون في وجه الظلم، ونقمة الأهالي سترتفع وتيرتها وهم الذين وُعدوا بالعفو العام ولم يصلهم سوى المزيد من الاهمال والذي بات ينعكس سلباً على أوضاع المساجين ويسجل المزيد من حالات الوفاة في سجلاتهم بدلاً من أن يكتب فيها خروجهم للحرية..

مواضيع ذات صلة:

Post Author: SafirAlChamal