حكومة الحريري والعقدة السنّية: عودٌ على بدء… عبد الكافي الصمد

طار الموعد الأخير الذي ضُرب لتأليف الرئيس المكلف سعد الحريري حكومته كما طارت بقية المواعيد السابقة، ودخل الحريري الشهر الثالث على تكليفه تشكيل الحكومة في 24 أيار الفائت، من غير أن يحمل أية بشائر تنبىء بنهاية الازمة، أو أن تلوح في الأفق معالم توضح نهاية النفق الحكومي.

ومع أن العقد الحكومية ما تزال على حالها، بسبب الإختلاف على تحديد الأحجام والمعايير التي وُضعت للمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية التي أعلن الحريري نيّته تشكيلها، وخصوصاً من جهة العقدتين المسيحية والدرزية، فقد اتضح أن العقدة السنّية لا تقل أهمية عنهما.

وتجلت هذه العقدة السنّية مؤخراً في جملة تطورات بارزة، أهمها:

أولاً: إن الحريري ما يزال يرفض تمثيل النوّاب السنّة العشرة الذين فازوا من خارج تيار المستقبل في الإنتخابات النيابية الأخيرة، والتي وإن رسّخت أن تيار المستقبل ما يزال الأقوى سنّياً، فإنه بعد الإنتخابات لم يعد أوحداً، ولم يعد ممكناً للحريري إختصار الطائفة السنية بشخصه، مثلما فعل منذ عام 2005 وحتى إستحقاق 6 أيار الماضي، لأن الإنتخابات النيابية الأخيرة أفرزت واقعاً لا يمكن تجاهله ويفرض عليه التعاطي معه بواقعية.

ثانياً: يواجه الحريري حرجاً كبيراً في رفضه تمثيل النوّاب السنّة، ويأتي على رأسهم الرئيس نجيب ميقاتي وكتلته “الوسط المستقل” المكونة من أربعة نواب، لأن الحريري  يرفض تمثيل كتلة نيابية تتوافر فيها معايير إشراكها في الحكومة، بحجّة أن المقاعد المسيحية تشهد تنافساً حادا بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يتعذر خرقه بتوزير أحد النائبين جان عبيد أو نقولا نحاس، وأن الحكومة لن تكون من 32 وزيراً ما يسمح بتمثيل علوي فيها ويفسح في المجال أمام توزير النائب علي درويش، إضافة إلى أن الحريري أعلن مراراً رفضه التنازل عن جزء من حصّة السنّة في الحكومة لأحد سواه، وهذا أمر لا يمكن أن يمر مرور الكرام.

ثالثاً: بعدما اعتمد نواب اللقاء التشاوري السنّي الستة مواقف ديبلوماسية هادئة تطالب بتمثيلهم في الحكومة، كونهم يشكلون حيثية سياسية ونيابية وشعبية ليس مقبولاً تجاوز الحريري لها أو تجاهلها، صعّد هؤلاء مواقفهم من رفض توزيرهم، وأعطوا إنطباعاً أن العقدة السنّية لا تقلّ تعقيداً عن سواها.

النائب فيصل كرامي كان أكد لـ″سفير الشمال″ بأنه ″مثلما هناك نواب مرشحون لدخول الحكومة بفضل تمسك ودعم حلفائهم لهم، كالنائب طلال إرسلان، فإن حلفاءنا أيضاً متمسكين بتمثلينا في الحكومة، ولن يتخلوا عنّا″.

وعلى المنوال نفسه شدد النائب جهاد الصمد نهاية الأسبوع الماضي بأن ″مطالبة النواب السنّة الستة خارج تيار المستقبل بحصولهم على حقيبة وزارية ليست إستجداءً أو استعطاء من أحد، ولأن الآحادية السنّية القائمة منذ عام 2005 قد انتهت ووضعت الإنتخابات النيابية الأخيرة حدًّا لها″، وصولاً إلى حدّ تأكيده بأنه ″إذا لم يكن هناك وزير سنّي من النواب السنّة الستة المستقلين فلن تكون هناك حكومة، لأن وجود وزير من هؤلاء النواب الستة هو شرط من شروط تأليف حكومة الوحدة الوطنية، ولأن تمثيل السنّة في هذه الحكومة لن يبقى محصوراً فقط بتيار المستقبل″.

موضوع ذات صلة:

  1. وجهان نقيضان للحريري: أقوى زعيم سنّي وأضعف رئيس حكومة!… عبد الكافي الصمد

  2. إعتبارات تمنع الحريري من إقصاء سنّة المعارضة عن حكومته… عبد الكافي الصمد

  3. الحريري وسنّة المعارضة: أيّ قاعدة لتمثيلهم؟… عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal