كارثة آل كساب في عكار.. الشقيقان أسامة وبلال بأي ذنب غرقا… نجلة حمود

لم يعد بالامكان التغاضي عما يجري في عكار من حرمان بدأ يطال حياة المواطنين ويهددهم بالقتل، الطفلان أسامة (12 عاما) وبلال (15 عاما) كساب، قضيا غرقا عند شاطئ عكار مقابل بلدة الشيخ زناد أثناء ممارستهما هواية السباحة.

لم يكن يخطر ببال العائلة التي قصدت شاطئ عكار للاستجمام أن تكون خاتمة الرحلة مأساوية ومؤلمة لهذه الدرجة، رمت الوالدة بنفسها في البحر في محاولة لانقاذ طفليها بعد أن رأتهما يغرقان أمام أعينها لكن محاولتها باءت بالفشل وجرى ادخالها غرفة العناية الفائقة في مستشفى الخير في المنية.

وفي تفاصيل الحادث أن الوالدة وبناء لرغبة أطفالها توجهت مع أشقائها الى شاطئ عكار، وما لبث أن رمى الطفلين بنفسيهما في المياه من شدة لهفتهما للسباحة، وما هي الا لحظات حتى لفظا نفسيهما ولم تفلح كل المحاولات الرامية لإنقاذهما.

العائلة في صدمة من هول الكارثة، الوالد لم يستفق بعد من هول المصيبة التي ألمت به.

هي فاتورة الاهمال والحرمان يدفعها فقراء عكار بإستمرار من حياتهم وحياة أبنائهم الذين يقضون اما غرقا في بحر غير مؤهل، واما في مجاري الأنهر غير الملائمة للسباحة، واما صدما على طرق عكار وأتوستراداتها العامة التي تفتقر لأبسط شروط السلامة المرورية.

وفاة الطفلين أدت الى موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد علق أحدهم “هذا مصير فقراء عكار، بينما أطفال المسؤولين يستجمون في المسابح الفخمة وخارج البلاد”.

سلطت الحادثة الضوء على اهمال الشاطئ العكاري الممتد على مسافة 18 كيلومترا بدءا من مخيم نهر البارد وصولا إلى بلدة العريضة الحدودية مع سوريا.

وبخلاف كل المناطق اللبنانية التي تعجّ بالمنتجعات السياحية والفنادق والمطاعم والمقاهي وتستقبل سنويا آلاف الزوار من سيّاح الداخل والخارج، لا يزال العكاريون محرومين من شاطئهم، الذي لم يشهد أية أعمال تأهيل أو رصف، كما لم يشهد أي التفاتة رسمية بهدف إقامة كورنيش بحري.

وقد بات واضحا أن عكار بكل ما تختزنه من مقومات طبيعية لا تزال خارج خريطة الدولة الانمائية، وهي لا تبادر أقله الى حماية الشاطئ من الاعتداءات، فيتحول الى مكب لنفايات العديد من البلديات المجاورة والبعيدة.

ويعد الشاطئ العكاري من أجمل وأهم الواجهات البحرية في لبنان، إلا أنه لم يلق أي مبادرة تحوله إلى عامل استقطاب للمستثمرين، بالرغم من المقومات الطبيعية التي يملكها لجهة  شاطئه الرملي.

كما يعتبر استثمار الخليج العكاري متنفسا سياحيا من شأنه إنعاش المنطقة اقتصاديا وسياحيا، خصوصا أنه يقع في منطقة العبدة، أو بما يعرف “بوابة عكار”.

اهمال الوزارات يقابله اهمالا متعمدا من قبل بلديات المنطقة واتحاداتها التي لا تبادر أقله الى وضع لافتات تحذر رواد الشاطئ من الأماكن غير الصالحة للسباحة، اما بسبب شدة الموج أو بسبب العمق والتيار البحري، فضلا عن الاهمال الواضح لجهة رمي النفايات المتكرر من دون أي محاسبة.

المصير المأساوي لآل كساب يمكن أن يتكرر يوميا فحالهم كحال غالبية العكاريين من ذوي الدخل المحدود الذين يلجأون مرغمين الى مجاري الأنهر والشاطئ لتمضية بعض الوقت هربا من لهيب الصيف، في وقت باتت فيه المنتجعات السياحية حكرا على الميسورين القادرين على دفع تكلفة الدخول الى المسابح والتي تتجاوز في كثير من الأحيان الـ20 دولارا للشخص الواحد. في حين يغفل المسؤولون عن أبسط حاجات أبناء عكار، وتتمادى السلطات المحلية على إختلافها في الإمعان بالظلم واللامبالاة.

Post Author: SafirAlChamal