الحريري وتشكيل الحكومة: تفاؤلٌ في غير محلّه… عبد الكافي الصمد

قرابة ساعة ونصف أمضاها رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري في قصر بعبدا، يوم أمس، إلتقى خلالها برئيس الجمهورية ميشال عون ليطلعه على آخر ما استجد معه من تطورات بما يتعلق بالتشكيلة الحكومية المنتظرة، إلا أن الدخان الأبيض لم يخرج من القصر الرئاسي مثلما كان البعض يتوقع ويعلق آمالاً على اللقاء.

فبعد مضي أكثر من شهرين على تكليفه تأليف الحكومة في 24 أيار الماضي بأكثرية 111 نائباً سمّوه لهذه المهمة، وبعد خمس لقاءات تشاورية عقدها مع عون ليطلعه على مشاورات تشكيله الحكومة، خرج الحريري أمس من قصر بعبدا ليقول كلاماً عمومياً، ظهر من خلاله وكأنه قد جرى تكليفه للتوّ، وكأنه ليس هناك شهران مرّا والبلد ما يزال واقفاً على قارعة الإنتظار في محيط إقليمي مضطرب، وكأنه أيضاً ليس هناك من عقد في عملية التأليف تهدد بدخول البلد نفقاً مجهولاً وطويلاً.

فعلى رغم كلّ الكلام النقدي القاسي والمرتفع السقف الذي نقل عن أوساط قصر بعبدا والسرايا الحكومي الكبير في الآونة الأخيرة، ومن أن رئيس الجمهورية ليس مرتاحاً لتأخر الحريري بتشكيل حكومته، كون هذا التأخير ـ بنظره ـ يستهدف عهده، وبرغم كل ما نقل عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من مواقف بأنه مستاء من تأخر الحريري بالتقدم إلى الأمام خطوات بما يخصّ تأليف الحكومة، خرج الحريري أمس من قصر بعبدا، ليقول إن الحديث عن خلاف مع الرئيس ميشال عون غير موجود، لا في قاموسي ولا في قاموسه، مشيراً إلى أنه متفائل أكثر من أي وقت مضى، وهناك أمور في ملف تشكيل الحكومة تحلحلت، واتفقنا على الإسراع بالتشكيل والعمل المتواصل، وسيكون لي زيارات عديدة للرئيس عون في الأيام القادمة.

كلام الحريري أمس يُستشف منه أمور عدّة لافتة، أبرزها:

أولاً: ظهر الحريري من خلال كلامه وكأنه يناقض نفسه. فبينما عبّر عن تفاؤله بقرب تشكيل الحكومة، وأنه اتفق مع عون على الإسراع في تأليفها، قال إنه سوف يكون له زيارات عديدة للرئيس عون في الأيام المقبلة. فإذا كانت الأمور تسير على ما يرام، والعقد تحلحلت، حسب قوله، ومضى شهران على تكليفه وخمس لقاءات له مع عون، فما الذي برأي الحريري يستدعي زيارته رئيس الجمهورية مرات عديدة في المرحلة المقبلة، إلا إذا العقد على حالها والأمور ما تزال تراوح مكانها.

ثانياً: يدرك الحريري أن أي حلحلة في موضوع تأليف الحكومة يفترض أن تكون ثمرة توافق بينه وبين طابخي تشكيل الحكومة، ومنهم باسيل تحديداً، الذي يتأجل عقد اللقاء بينهما أكثر من مرّة بسبب الشروط والشروط المضادة، ولأن أي لقاء بينهما إذا لم يكن منسقاً مسبقاً، ويخرج بتفاهمات وإيجابيات، فإنه سيسهم في تعقيد مهمة الحريري أكثر، كما أن غياب باسيل لوجوده خارج البلاد لنحو أسبوع، يعني أن وقتاً ضائعاً إضافياً سيمضيه الحريري في مهمته زيادة على فترة الشهرين.

ثالثاً: تأتي زيارة الوفد الروسي، المكلف بحث عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، اليوم إلى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين، لتشكل عقدة إضافية أمام تشكيل الحريري حكومته. إذ في حين أكد الحريري أمس أنه اتفق وعون أن يكون موقفنا موحداً في ملف عودة النازحين، قال إن موقفه من الرئيس السوري بشار الأسد واضح ولم ولن يتغير، ما يطرح تساؤلات: ما ردّه على دعوات التنسيق بين حكومتي لبنان وسوريا بملف النازحين وغيره، وإذا صوّت مجلس الوزراء على إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع سوريا، وتبادل الزيارات والتعاون والتنسيق رسمياً وعلناً بين لبنان وسوريا، ماذا سيكون موقف الحريري؟، وكيف سيواجه ويردّ على دعوات قطاعات إقنصادية وتجارية واسعة لإعادة التنسيق بين بيروت ودمشق يمهد لتصدير المنتجات اللبنانية الصناعية والزراعية، بعد إعادة الحكومة السورية سيطرتها على معبر نصيب مع الأردن؟.

Post Author: SafirAlChamal