الكورة: من يحمي مغارة مارينا في دده من التشويه؟… فاديا دعبول

يستوقف العابر على طريق القلمون، تجويف بيضاوي الشكل بلون مغاير عما حوله من صخور، بارز كأيقونة في قلب الجبل المرتفعة على راسه بلدة دده، والمعروف بمغارة القديسة مارينا التي تعد من اقدم المغاور التاريخية واشهرها، لما تحتويه من جداريات بعض معالمها ما زال قائما حتى اليوم ويحتاج لحماية، اسوة بالعقار المشترك القائمة فيه والمهدد بالتشويه واقامة مشاريع عمرانية. رغم أن هذه المغارة ادخلت في الجرد العام للمعالم الاثرية بموجب قرار رقم 5 تاريخ 10/3/1971 .

يمكن لقاصد المغارة الوصول اليها سيرا على الاقدام أو هبوطا من دده، عبر منحدرات السفح، او صعودا من القلمون عن الطريق الدولي عبر كروم الزيتون. وهي تمتد افقيا على مسافة 20 مترا بارتفاع 7 امتار وعمق 5 أمتار.

ترتسم على جدران المغارة، وفق دراسة تاريخية في الساحل الكوراني لغلاديس ساسين، بقايا 13 لوحة من النمط البيزنطي، تعود الى فترتين منفصلتين، الخمس الاول منها تعود على الارجح الى الفترة البيزنطية والثماني الاخيرة تعود الى الفترة اللاتينية.

وتجسد الجدارية الاصلية رسما للقديس ديمتريوس على حصانه، وهي الاكبر حجما في المغارة. الا انه في الفترة اللاتينية رسمت فوقها ثماني لوحات تمثل مراحل من حياة الراهبة مارينا التي دخلت الدير متنكرة كرجل ودعيت مارينوس، وفق الباحث بروسيه 1926. الى جانب جداريات اخرى.

وفيما يلتبس على الغالبية التفريق بين القديسة مارينا التي عاشت في مغارة دده، وبين القديسة مارينا الشهيدة، فقد ذكر العلامة البطريرك مكاريوس ابن الزعيم، في كتابه المخطوط ″قديسون من بلادنا″، ديرا في″كورة طرابلس معروف الى ايامه 1672 باسم القديسة الراهبة مارينا التي تعيد لها الكنيسة في 12 شباط، بينما تعيد الكنيسة للشهيدة مارينا في 17 تموز″. نقلا عن الاب توما بيطار.

كما ذكر الارشمندريت رومانوس جوهر، في مجلة الكلمة الصادرة عن مطرانية طرابلس الارثوذكسية سنة 1981، وجود دير للقديسة مارينا في القلمون، وقد ظل قائما حتى القرن الـ16 وفق انجيل مخطوط باليونانية وموجود في كنيسة طرابلس.

واعلن كاهن رعية دده الاب عبدالله متى انه يتم العمل على ″تصحيح هذا اللغط لمنح الراهبة مارينا حقها في الاحتفال بعيدها الصحيح في شباط وليس في تموز”، مشيرا الى ان “الرعية اشترت أسهما في العقار القائمة عليه المغارة في دده على مشارف الحدود العقارية لاراضي القلمون، لتفادي اقامة مشاريع مشوهة للمكان. كما عملت على تأهيل درج لتسهيل وصول الزوار والمؤمنين والملتجئين اليها بنذوراتهم″. لاسيما انها شفيعة المرضعات اللواتي يقصدن جرنا ممتلئا بالمياه المقدسة، للتبرك منه، صيفا وشتاء، دون معرفة مصدر المياه المجمعة فيه.

تجدر الاشارة الى ان قسم الاثار والمتاحف في جامعة البلمند، بادارة الدكتورة نادين بانيوت هارون، عمل على اعداد دراسات عن جداريات المغارة، ونفذ حفريات وعمليات تنقيب ومسح في محيطها. وسيتم الاعلان قريبا عن نتائج عملها.

وفي اطار المحافظة على هذا المعلم التاريخي والاثري والديني المهم، حذر امين سر هيئة حماية البيئة والتراث في الكورة وجوارها المهندس جرجي ساسين من عملية فرز العقار المشترك القائمة عليه المغارة،″خشية اقامة تجمعات سكنية فيه مشوهة للاطار الطبيعي للمغارة وللجبل ومنحدراته″. داعيا الدولة″ لاستملاك كامل العقار لتامين حمايته او شراء رعية دده كامل الاسهم فيه، كي لا يؤول مصيره الى حال الجبل المؤدي الى البلمند بمخالفته قوانين البناء والانظمة المدنية وتشويهه للطبيعة.″

وتمنى المحافظة على ما تبقى من جداريات لانقاذها مما تعرضت اليه من عوامل الزمن والطبيعة والانسان.

Post Author: SafirAlChamal