المنية: أكثر من ألفيّ منزل ومحل تجاري ومصنع في خطر… عمر ابراهيم

عادت قضية الأراضي المتنازع عليها بين الدولة اللبنانية وأبناء المنية إلى الواجهة، ولكن هذه المرة من زاوية اخرى، بعد الاستنابات القضائية التي اصدرها المدعي العام المالي بحق نحو 350 شخصا كانوا اقدموا عشية الانتخابات النيابية الاخيرة على اقامة منشآت لمباني ومحلات تجارية اضيفت الى تلك الموجودة بشكل مخالف منذ عقود، وسط تبادل الاتهامات عن غطاء سياسي اعطي لهم في تلك الفترة من باب ″الرشاوى″ الانتخابية، مرفقا بوعود بعدم التعرض لهم او ملاحقتهم قضائيا.

هذه الاستنابات خلقت جدلا واسعا بين أبناء المنية الذين كانوا يستعدون لتنظيم تحركات إعتراضية، قبل أن يتم الافراج عن أحد الاشخاص الذين اوقفوا لمدة تجاوزت العشرين يوما في مخفر المنية بسب مخالفته، وذلك بمساع من النائب عثمان علم الدين الذي اكد لـ″سفير الشمال″ ان هذه القضية مزمنة، وهناك حق يجب ان يعود لاصحابه، ونحن سنعمل الى جانب اصحاب الاراضي لمعالجة هذه القضية قانونيا، لانه حق ولا يستطيع احد تجاوزه.

كما فتحت هذه الاستنابات بابا لتبادل الاتهامات بين مناصري نائب المنية عثمان علم الدين والنائب السابق كاظم الخير على خلفية الطعن الذي قدمه الاخير بالانتخابات، حيث اكد الخير  لـسفير الشمال ان الاستنابات صدرت قبل تقديم الطعن الذي قدم في في المجلس الدستوري وليس عند المدعي العام المالي، وعلى الجميع العمل لمعالجة هذه القضية التي تعود لعقود، بدلا من ان تتحول الى مصدر للاستغلال السياسي، علما انني عملت في مجلس النواب على اصدار قانون لاسترداد تلك الاراضي”.

لا يعرف أحد في المنية كيف سيتم التعاطي مع هذه الاستنابات بعد ان بات سيف مذكرات التوقيف يلوح في الافق بحق المخالفين، قد سلطت الضوء على ملف يعود عمره إلى عشرات السنين وما زال ينتظر قراراً قضائياً أو سياسياً، يحسم الجدل القائم ويضع حداً للمعضلة التي تعود جذورها إلى العام 1935، مع صدور مرسوم جمهوري يستند في مضمونه إلى قرار المفوض السامي الفرنسي في تلك الحقبة، يقضي باستملاك ما قيمته مليونا متر مربع من الأراضي الزراعية لمصلحة شركة نفط العراق (مصفاة طرابلس حالياً)، من أجل المصلحة العامة، حيث قامت الشركة المذكورة باستخدام حوالي خمسمئة ألف متر مربع من مجمل المساحة. وأهملت الباقي، تاركة أصحابها بداخلها، فعملوا بدورهم على زراعتها وإقامة المنشأت السكنية والتجارية، بالتزامن مع شنّ حملة على الشركة لاسترداد أراضيهم، والتي اسقط مرور الزمن بحسب رأيهم ملكية الشركة لها، نظراً لعدم استخدامها في مشاريع عامة كما كان مقرراً وكما تنص القوانين المرعية. ولعدم الدخول في مواجهة مع الأهالي، أقدمت الشركة في العام 1963 على بيع تلك الأراضي إلى الدولة اللبنانية بسعر بخس مقداره ليرة لبنانية. واستفز الأمر الأهالي، الذين اعتبروا القانون جائرا لكونه حوّلهم من ملاكين شرعيين إلى شاغلين بشكل مؤقت لأراض باتت اليوم مع مرور الزمن مصدر رزق ومكاناً للعيش لمئات العائلات، التي استغلت واقعاً معيناً بغض النظر عن قانونية الإجراء، اتاح لها البقاء في الأراضي. الأمر الذي زاد من تعقيدات المسألة وجعل من حلها أمراً مستحيلاً كونه سيؤدي إلى فقدان المئات من العائلات للمأوى، وتشريد ما يوازيهم من العمال الذين يعملون على زراعة تلك الأراضي والعيش من مردودها، فضلاً عن أصحاب المحال التجارية والمؤسسات القائمة عليها.

وبحسب المعلومات هناك نحو ألفي منزل ومحل تجاري ومصنع، تم إنشاؤهم بطريقة مخالفة وفق منظور الدولة، ولكن بالنسبة للاهالي فتلك الأراضي من حقهم، وقد توارثوها عن أهاليهم وأقاموا عليها منازل ومؤسسات تجارية، وهم يدفعون فواتير الكهرباء والضرائب الى البلدية ولكنهم لا يحصلون على رخصة قانونية للبناء، ولا تعترف الدولة بحقهم في التملك.

هذه الاشكالية وغيرها جعلت اراضي الجمهورية اللبنانية التي تشكل ما نسبته 23 في المئة من مساحة المنية عرضة للتعدي من قبل المواطنين، وحولت اصحاب “الحقوق” الى مخالفين ويتم استغلالهم سياسيا كما حصل قبل الانتخابات النيابية، حيث غضت القوى الأمنية بقرار سياسي الطرف عن اقامتهم للمنشآت وتركتهم بعد ذلك عرضة للملاحقات القضائية، في قضية من شأنها أن تفجر في المستقبل فضلا عن النزاع القانوني مشاكل اجتماعية بين “الورثة” خصوصا عندما تريد عائلة ان تتقاسم التركة، فإنها تقسم الأراضي بين أفرادها من دون أن تسجل باسم أي شخص.

 

Post Author: SafirAlChamal