طرابلس تحيي ذكرى حكيمها الدكتور عبدالمجيد الرافعي

bashir mawas

إستذكرت طرابلس ومعها كل لبنان الراحل المناضل عبد المجيد الرافعي في الذكرى السنوية الأولى على رحيله، وذلك خلال مهرجان خطابي أقامته لجنة إحياء الذكرى في قاعة فندق “كواليتي إن”، بحضور وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال محمد كبارة ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، الرئيس نجيب ميقاتي، الدكتور خالد زيادة ممثلا الرئيس فؤاد السنيورة، النواب سمير الجسر، جان عبيد، نقولا نحاس، علي درويش، الوزراء والنواب السابقين: محمود طبو، أحمد فتفت، رشيد درباس، الدكتور مصطفى علوش، كاظم الخير، الدكتور سعد الدين فاخوري ممثلا الوزير السابق أشرف ريفي، وأحمد الصفدي ممثلا النائب السابق محمد الصفدي، المناضل توفيق سلطان، نائب رئيس منظمة OMECA للتحكيم الدولي والاستشارات في الشرق الأوسط السفير بلال غمراوي.

hashem ayoubi

كما حضر الإحتفال مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار، راعي أبرشية طرابلس للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر، الاب بشارة عطاالله ممثلا المطران إفرام كرياكوس، الشيخ محمد حيدر ممثلا عن الطائفة العلوية، الدكتور صفوح يكن ممثلا رئيس بلدية طرابلس المهندس أحمد قمر الدين، رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، نائب رئيس المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة، نقيب المهندسين المهندس بسام زيادة، نقيب الأطباء الدكتور عمر عياش، المحامي عبد السلام الخير ممثلا نقيب المحامين عبد الله الشامي، الإعلامي احمد درويش ممثلا نقيب المحررين الياس عون، وأعضاء لجنة إحياء الذكرى وحشد من ابناء طرابلس والشمال.

mikati 12

النشيد الوطني اللبناني بداية وكلمة ترحيب وتقديم من الدكتور بشير مواس، فقصيدة شعرية من الدكتور هاشم الأيوبي، ثم ألقى الرئيس نجيب ميقاتي كلمة إستذكر فيها الراحل الكبير، معتبرا أنه حفر إسمه في سجل الخالدين، وله في كل محطة قومية ووطنية مأثرة، وفي كل وقفة إنسانية بصمة، وقال: لم يكن عبد المجيد الرافعي الا نموذجًا يحتذى ومدرسة تعلّم منها كثيرون وسيتعلم منها كثيرون ايضا. طبيب داوى الناس بالمحبة  قبل الدواء، وسياسيٌ آمن بمبادئ العروبة الخالصة حتى آخر نفس، وإنسانٌ لم يتجرد من انسانيته حتى في اصعب الظروف وأدقها، فلك أيها الشامخ في عليائك الف تحية والف دعاء أن يتغمدك المولى بواسع رحمته وهو الرحيم المجيب. ولزوجتك الفاضلة  ورفيقة دربك السيدة ليلى بقسماطي كل التحية والتقدير وهي الحريصة على ابقاء دارك ملتقى لكل اطياف المجتمع لمنافشة كل الهموم والشجون وابقاء الصوت عاليا صونا للحق ودفاعا عنه.  

jeser

وألقى النائب سمير الجسر كلمة تناول فيه مسيرة الدكتور عبد المجيد وسيرة عائلته التي خرجت قيادات وعلماء ومشايخ كانت لهم بصمات لا تمحى في المدينة، عارضا لنضالات الراحل ومشاركته في التظاهرات ودفاعه عن المدينة والوطن والأمة، وصولا الى فوزه في الانتخابات النيابية في العام 1972، لافتا الى أن ظاهرة فوزه بحاجة الى دراسة متأنية لأنها تكشف عن ميزان سياسي عند أهل طرابلس ودقة في الانتقاء بعيدا عن ردود الفعل والتشفي.

jean

وألقى النائب جان عبيد كلمة تناول فيها مزايا الحكيم الطيب عبد المجيد الرافعي، الذي باغتنا ورحل مفاجئا على غير عادة وهو الذي ما فارق في حياته صديقا أو رفيقا أو حبيبا بلا وداع أو إستئذان. وقال: لقد عرفت هذا الحكيم الآدمي وأرملته المناضلة الراقية الدكتورة ليلى وإخوانه وصهره ومحبيه ورفاقه منذ ما يفوق نصف القرن. وكان فيه دائما القائد والقدوة والرمز للتجدد والتجرد والمواطنة والعروبة والحس الإنساني والسلوك العلماني والرفعة المشهودة والوداعة المتواضعة على كبر ونذر النفس للفقراء والمعوزين قبل سواهم من الأغنياء أو الأقوياء.

وأضاف: لقد الهم الله الحكيم أن يجتهد لكي يغتني بالعلم في زمن الجهل ويتزيّن بالحلم بعيدا عن الغطرسة ويتكرّم بالتقوى في وجه الدجل ويتجمّل بالصبر إزاء الشدائد وبالحكمة في حمأة الحماقة ويتسلّح بالشجاعة مقابل التخاذل والتهور.

omar

وتحدث نقيب الأطباء الدكتور عمر عياش فقال: أن تقف أمام المنبر فتلك فيها رهبة وتوجّسن أما إذا كانت المناسبة الذكرى السنوية الأولى لكبيرنا عبد المجيد الرافعي فذلك مزيج من الرهبة والشعور بالمسؤولية والفخر والإعتزاز، لقد عاد الدكتور عبد المجيد الرافعي من سويسرا في أواخر الأربعينات يحمل ألمعية في شهادة الطب ووجهة نظر ثاقبة للحياة وكانت طرابلس قبلته وحبيبته التي ضحّى لأجلها بقسط كبير من حياته. ولما عصفت بالبلاد رياح الثورة الشعبية في عام 1958 كان طبيب الفقراء مرابطا على مدى الساعة ومتنقلا بين المناطق والحارات لبلسمة الجراح وإنقاذ الجرحى.

safoh yaken

وأعلن الدكتور صفوح يكن باسم رئيس وأعضاء مجلس بلدية طرابلس عن تسمية شارع أساسي في طرابلس باسم الدكتور عبدالمجيد الرافعي.

layla

ثم ألقت عقيلة الراحل السيدة ليلى بقسماطي الرافعي كلمة قالت فيها: عام مرّ ويبقى في غيابه حاضرا فينا وحولنا، يرسم سلوكنا ويحدّد خطانا. لم تكن رسالته تبليغا يطويه الزمن، ويقوى عليه النسيان، بل استوطنت سلوكا في وعيِنا، إن غادرته من باب القناعة، لازمته بقوَة الأخلاق، وإن شاخت فيها حوافز الإيمان استحوذت على أعلى مراتب الحبّ المتبادل، فكيفَ إذا أحسَسْتُه اليومَ، وفي هذه اللحظةِ بالذات أمامَكم، واقفا الى جانبي، كالأمس، حبيبا زوجا رفيقا صديقا وقائدا.

أيّ وصل من أوصال هذه العلاقة يمكن أن نغادره نحن رفاق عبد المجيد، أحباؤه وأنا، إلى سكينة لا حياة فيها وغير مصحوبة بوجعِ غيابه أو غير محمولة على دفع وصدق رسالته.

عُذرا أيّها الأصدقاء، إن كان قد غلبني الميْل، واستقوى عليّ الحنين الى إطلالاته بين كلّ حشد من أهل مدينته، وعلى سويّة من قادتها، ونحن نحتشد اليوم لتحيته.

لم أستطع حتى هذه اللحظة إلاّ أن أتدبّر اليوميات معه في كلّ ما أتدبّر: ابتداء من تحيته من على شرفة منزلنا، حيث يرقد جامعا بين تراب طرابلس وعلياء ربّه، وصولا إلى الخيارات الكبرى التي كنّا معا نفتديها بأغلى ما نملكه وهو الحياة الحرّة الكريمة بين أهلنا.

على كلّ حال لم أشعر أمامكم، أنتم أهل وأصدقاء ورفاق عبد المجيد، بالإحراجِ لهذا البوحِ الذي لازمت فيه بين الشخصيّ والعام في ذكراه السنوية، لأنني واثقةٌّ من تقديرِكم لخصوصية العلاقة كونها عكست شراكة العقل والعواطف والوجدان والمصير، وهي شراكة أخلاقية إنسانية نضالية صعْب أن ينال منها افتراق ولو كان بين عالَمين عالم الموت وعالم الحياة.

واسمحوا لي الآن أن أخرج معه إلى مدينته الحبيبة أَسْتذكر هواجسه بشأنها والتي كان يثابر على إيداعها عند رِفاقه وأصدقائه وزائريه وعندي شخصيا. كان يفصح بأشكال مختلفة عن وفاء اللحظة الأخيرِة من حياته لنقطة البداية، طرابلس:

في دارته وصالونه حيث كان يأتيه المحبّون والأصدقاء، بعد أنْ حالتْ ظروفه الصحيّة دون أن يأتيهم هو، وِفق حاجاتهم إليه ووِفق حاجته لحضورِهم في المعارِك الوطنية والاجتماعية للمدينة. في هذا الصالون الدّوري، ما زلنا نسير على خطاه مؤكدّين وصيته في التعبيرِ عن شكرِه وامتنانه للزائرين والدائمين في هذا اللقاء.

إنَّه الإطار الذي يعكس فكرة طالما آمن بها الدكتور عبد المجيد الرافعي وراهن على جدواها في العمل السِياسيِ والاجتماعيّ والوطني، فكرة الاختلاط والحوارِ المباشرِ والمتواصل بين نخب المدينة وقياداتها من ناحية، وبين رموزِ الحركة الشعبية من ناحية أخرى. ولقد أصبح ذلك أكثر إلحاحا في ظلّ الخل الذي تواجه المؤسّسة السّياسية بكلّ أشكالها وفي مقدّمها الأحزاب.

إنَّ مدينتنا التي خرجت من مرحلة التصحّرِ في عهد الوِصَايةِ الأمْنيِة والسياسية، تحتاج أن تدْخل ثانية، عصر الحيوية السّياسية وأن تخطو باتجاه بعْث تاريخها في هذا المجال، وهو تاريخ مجيد، من التنوُع التمثيليّ والمنافسة الخلاّقة، التي فاضت حوارا وتيّارات وقيادات وإبداعا ثقافيا. إن بناء حاضرِها ومستقبلها من سياسة واقتصاد وسياحة وثقافة أساسه الحوار بين القيادات والنُّخب والقوى العاملَة والشعبية وذلك لبناء رؤية إيجابية، عند أهل المدينة أولًا، ولتكوين رأي عامٍ وطنيٍ شامل يدرك ويتفهّم إصرار أهل طرابلس على استنهاضها، بالتّعاون مع جميعِ القوى الوطنية، وفي كلِّ المؤسسات من برلمان وحكومة، لأنّ استنهاض العاصمة الثانية ينعكس حكما على كلّ لبنان توازنا وتكافؤا واستقرارا.

وأضافت: إننا في هذه الذِكَرى العزيزةِ على الجميعِ ندعو إلى التأسيس للقاء دائمٍ تنتقى لجنته التحضيريةُ بعناية، من نخب المدينة المؤمنين بالسّعيِ إلى الخروجِ من النفق المسدود، لتتابع بشكل إيجابي كلّ الأفكارِ والمشاريعِ وتؤمّن القوّة الضاغطة لتحقيقها من خلال الضغط والإقناعِ والمتابعة الحثيثة. إنّ بين أيْدينا عشراتِ الوثائق والمقترحات لمشاريع للمدينة ولقد وصلنا إلى مرحلة تلحّ علينا لحزمِ أمرِنا كي نستطيع أن ننطلق في حركة سياسيّة شعبية موَحَّدةٍ في وَجْهِ الإهمالِ والقَهْرِ الذي تتعرضُ لهُ المدينةُ. وأُولَى مَهمَّاتِها المطروحةِ في هذا المجالِ هي القرارُ المطلوبُ لِمُعَالجةِ عجْزِ المجَالِسِ البلديَّة عن القيام بمهامها.

إنني إذْ أدعو لذلِك، اقرأُ في المستقبل الآتي من الأشهر إنفجارا إجتماعيا سوف يطيح بالجميعِ إذا لم نبادر.

وتابعت: لم أشعر للحظة أنّ الحديث في الذكرى السنوية لحبيبي ورفيقي وزوجي وقائدي عبد المجيد يختلف عن الحديث بإسمه :

في تحديد موقفه من الأزمة الوطنية اللبنانية والتي لم يطرأ أيّ تطورٍ على جوهرِها منذ غيابه قبل عام، كان متمسكا بعدمِ تحميل لبنان المغامرات التي تدمّر، في ظلّ حالة التداعي القومي والعربي الرسمي. غير أنّ هذه الواقعية وتلك المسؤولية التي اتَّصف بها موقف حبيبِنا وقائدنا، لم تكونا في أيّة لحظة من اللحظات، إقرارا بحياد لبنان في مواجهة استهدافين، العدوانية الصهيونية والمشروع الفارسي.

ولا يسعني أن أختم إلاّ بما تحوّل الى سيرة يومية خلال السنوات العجاف في منزل الراحل وهو تساؤله الموجّه لبعض النخب العربية: كيف يمكن أن نخوض معركة تحرّرِ العرب وتحريرِ فلسطين وحماية الدولة الوطنية، بدون حماية الهوية القومية؟ لقد بقي هذا التساؤل إفتراضيا وجهة نظرٍ قبل الذي تعرّض له العراق وتعرّضت له سوريا.

إنَّنا، وبعد أن كنّا أمّة الانصراف الى مواجهة التحدّي الصهيوني، فرِض علينا أن نكون أمّة التحديات الإقليمية والدولية.

إن مطالبتنا بالانحيازِ إلى هذه الأهداف في تحديد أوْلويات الصراع، أكَّدته التضحيات الكبرى والشهداء الكبار وعلى رأسهم الرئيس الشهيد صدام حسين رفيق الراحل الدكتور عبد المجيد الرافعي.

وختمت: التحية لكم موصولة بعرفان وامتنان راحلِنا الكبيرِ من عليائه.

تحية إلى أهلنا في طرابلس وفي لبنان وفي دنيا العرب.

تحية إلى رفاقنا، رفاقِ عبد المجيد الرافعي داخل منظَّمات حزب البعث العربي الإشتراكي وخارجها.

تحيةً إلى شهداءِ لبنانَ وفلسطينَ والعراقَ وسوريا وكلِّ شهداء أمّتِنا.

تحيةً إلى شعب فلسطين في مسيرات العودة.

وتحية خاصة إلى القابضين على الجمرِ في العراق الحبيب وعلى رأسهم القائد المجاهد عزة ابراهيم.

Post Author: SafirAlChamal