رحمي الضابط.. عدسة المدينة وذاكرتها… غسان ريفي

قد لا توجد شخصية في طرابلس أو لبنان أو ربما في الوطن العربي إلا وتحتفظ بصورة تذكارية من الحاج رحمي الضابط، فعميد المصورين الصحافيين و”مصور الملوك والرؤساء” كما كان يسمي نفسه ويحب أن يُطلق عليه، كان حاضرا على مدار عشرات السنين في كل المناسبات والاستحقاقات التي سجلها لحظة بلحظة عبر عدسة لا تتعب، وهمة لا تفتر..

كبير من طرابلس هو الحاج رحمي الضابط، نسج علاقات وطيدة مع ملوك ورؤساء ومسؤولين لبنانيين وعرب وأتراك من خلال دماثة خلق، وطلة بهية، وخفة ظل، وحرفية في التصوير، فكان يلتقط الصور ليؤرخ من خلالها لكل مرحلة، حتى بات الحاج رحمي من خلال أرشيفه يشكل ذاكرة المدينة ولبنان.

لم يكن رحمي الضابط مصورا عاديا، بل كان شغوفا بتقديم صوره على شكل هدايا لكل من يحب، فإما أن يجمعها في ألبوم خاص، أو أن يعمل على تكبيرها ووضعها في براويز، مذيلة بكلمته الشهيرة “تصوير رحمي الضابط” أو “مع تحيات رحمي الضابط” هذه التحيات التي ستبقى تذكارا في مكاتب ومنازل العديد من المسؤولين في كل الميادين، ولتبقى ذكرى عميد المصورين بقاء الصورة وبقاء نقاء السريرة التي كان يتمتع بها وكانت تأسر كل من حوله.

كم كان الخبر مفجعا  وحزينا هذا الصباح، فـ”العميد” غادر بهدوء على غير عادته، وأعطى كاميرته إستراحة أبدية، لتبقى شاهدة على رجل لم يستسلم لشيخوخته فاستمر ينتقل من مكان الى آخر ويمارس التصوير حتى الرمق الأخير، من دون أن تمنعه حدود، أو حواجز أو تدابير أمنية، أو حتى لقاءات خاصة أو سرية، من إلتقاط صوره التي جعلته يتربع على عرش المصورين الصحافيين..

الحاج رحمي الضابط، بكل الأسى والأسف ننعيك.. نحن زملاؤك الذين لم تبخل علينا يوما بنصحية، أو بمعلومة أو بصورة، فكنت الأب والحاضن والموجه والداعم، والسائل دوما عن الحال والأحوال في هذه المهنة التي تستمر متاعبها حتى النفس الأخير..

الحاج رحمي سنفتقدك كلما لمعت عدسات المصورين.. لكنها مشيئة الله، ولا نقول إلا يرضي ربنا وإنا على فراقك لمحزونون.. والى جنات النعيم التي أعدت للمتقين.. سلام عليك.

Post Author: SafirAlChamal