عبدالمجيد الرافعي.. قضيته الإنسان..رسالته العروبة ووُجهتُهُ فلسطين…الدكتور مصطفى الحلوة

ان تُنجبٓ مدينة رجلاً – انساناً، ينقطع الى شعبه من دون حساب، يعيش همومه وقضاياه اليومية، ويبلسم جراحاتهِ واوجاعه، فذلك أمر مألوف، وان قل حصوله!

وان تُنجبَ مدينة مناضلاً، ينذرُ حياته لخدمة قضايا شعبه في ميادين النضال، وتكون له صولات وجولات، فالتاريخ حافل بِسِيَرِ رجالات، خطّوا لشعوبهم مجداً على جبين الشمس!

وان تُنجبَ مدينة بطلاً، يتجاوز الى فضاء الأمة، يحمل في وجدانه وعلى منكبيه قضاياها، ويُبدّدُ عمره لنُصرة هذه القضايا، حتى مُشارفة الاستشهاد، فالتاريخ يضعنا أمام ابطال، شكّلوا جسوراً لتعبر عليها أمتهم الى فجر جديد!

لكِن أن تُنجبَ مدينةواحداً من ابنائها، يجمع في شخصه، ولمرة واحدة، تلك المزايا جميعها، يتماهى فيه الرجل والانسان الإنسان والمناضل، لبنانياً وعربياً، فقد فعلتها طرابلس في تاريخها المعاصر، وكان الحكيم المناضل، الطيّب، الرافعي عبدالمجيد! بل كانت ملحمة طرابلسية/لبنانية/عربية..امتدت لستة عقود، مُفتتحُها العام 1957، يوم انتسب الرافعي الى حزب عروبي، حزب البعث العربي الاشتراكي، ولِيُطوى اَخر فصول هذه الملحمة في العام2017، حين اغمض حكيم طرابلس عينيه، وارتحل عن الدنيا جسداً، وليبقى ذِكرهُ مُخلّداً الى يومِ يُبعثون!

عبد المجيد الطيب الرافعي،شاء له القدر أن يسيرَ طريق الجلجلة، جلجلة مدينته طرابلس التي رفعته الى سُدّة النيابة رقماً أوّل(17517)، وجلجلة لبنان، وقد خاض نضالاً مُرّاً، عبر ساحات النضال ومن المجلس النيابي، وجلجلة الأمة التي عانت ولمّا تزل تُعاني جراحاً سخينةً وتألّب قوى الشر والعدوان عليها!

نادتهُ اوجاع أبناء مدينته واستصرخته الجراح، فلبّى النداء، بلسَمَ وعافى وسعى إلى شفاء! ناداه الوطن، فما بخل عليه، واصاخ السمع، ولم يوفّر جهداً لإنقاذه من فم التنين! نادتهُ فلسطين، نادتهُ العروبة، فجالَ في بقاع الأرض منتصرا لقضية العرب الاولى ولقضايا الأمة، وما أكثرها!

عشية الذكرى الأولى لرحيله-وما اقساهُ الرحيل-لكِ، طرابلس، أن تفخري بعظيم من ابنائك الميامين، قضيتُهُ الإنسان..بوصلتُهُ وُجهتُها أبداً فلسطين..ورسالتُهُ العروبةُ، لا محيدَ عنها، ولم يُبدّل تبديلا!

ولطرابلس أيضاً أن تعتزَ بتوأم روحه، وتوأم نضاله، السيدة ليلى- اطال الله عمرها- وهي الباقية على العهد، عهد النضال الذي رسمه التوأمان معاً، وعاشا مُرّ الأيام وحُلوها! وأعظِم بهذا الشريك المُترع وفاءً، ما فتىء يذكرها، في كل منعطف من مسيرته النضالية. وهاهو، في قصيدة له، عنوانها “هذا انا” يبثها حبه ووفاءه: ..وحبّي لليلى/بعمقِ البحارِ/ كضوعِ البخورِ/تحدّى العوادي/وغمزَ السِير/.

وهاهو ، في موضع آخرمن قصيدته، ينمّ عن كاره للظلم، سواء أوقع على الأفراد أو على الشعوب:.. وامقتُ ظلماً/يحلّ بفرد/ وجمع وشعب/واسعى حثيثاً/لرفعِ الضرر/..اعيشُ النضالَ/قضاياوحزباً/وانشُدُ دوماً/كمالَ الفِعالِ/يراها البشر/..

رحمك الله، حكيم مدينتنا …وانّا لك ما حيينا لذاكرون!

Post Author: SafirAlChamal