الحريري ″يستنجد″ برؤساء الحكومات السابقين لإغاثته…عبد الكافي الصمد

بلا ربطات عنق رسمية، توجّه رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمّام سلام إلى بيت الوسط، بعد عصر أول من أمس، للقاء رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، في اجتماع استدعى توقف الوسط السياسي والإعلامي عنده طويلاً.

برغم أهمية اللقاء، فإن بياناً مقتضباً صدر عنه، أشار إلى أن المجتمعين ″إستعرضوا خلاله الأوضاع السّياسية في لبنان والمنطقة، وتركزت الأحاديث، التي سادتها أجواء ودّية، على موضوع تأليف الحكومة الجديدة″، مضيفاً أن ″وجهات النظر كانت متوافقة حيال مختلف الملفات، حيث أكد الجميع على أهمية التعاون مع الرئيس المُكلّف سعد الحريري، والتضامن على دعمه في مهمته لتأليف الحكومة العتيدة، وما يلي التأليف من مسؤوليات″.

إذاً هو اجتماع لدعم الحريري في مهمته، وهي المرّة الثانية التي يدعمه فيها رؤساء الحكومات السابقين في غضون شهر ونيّف؛ كانت الأولى عندما سمّى ميقاتي وسلام الحريري لتأليف الحكومة خلال الإستشارات النيابية الملزمة التي جرت في 24 أيّار الماضي (السّنيورة لم يفعل لأنه ليس نائباً حالياً)، متجاوزين الخلافات السّياسية معه، والتباين في وجهات النظر واختلاف الآراء.

وبالرغم من أن البيان لم يشرح أسباب وكيفية الدعم الذي سيُقدّمه رؤساء الحكومات السابقين للحريري، فإن مختلف التسريبات والتحليلات والقرءات أجمعت على أن لقاء بيت الوسط كان عنوانه العريض دعم الحريري في مهمته، وعدم القبول بأي تجاوز عليها يمكن أن ينال من مقام الرئاسة الثالثة، والإحتكام إلى دستور الطائف وليس إلى أية أعراف أخرى، ورفض جميع أشكال الضغوط التي تمارس على الرئيس المُكلّف لتأليف الحكومة.

زمن طويل مضى على آخر إجتماع لرؤساء الحكومات السابقين مع رئيس الحكومة الحالي أو المُكلّف، وهو إجتماع يحصل عادة لتناول مواضيع تهمّ الطائفة السنّية ككل، سواء بما يتعلق بتأليف الحكومة، كما حصل أول من أمس، أو إنتخابات دار الإفتاء، وبطبيعة الحال إنتخاب المفتي، وغيرها من القضايا التي تخصّ الطائفة، حيث يحرص عندها من يتبوأ كرسي الرئاسة الثالثة على إستشارة زملائه بنادي رؤساء الحكومات، للتشاور معهم والحصول على دعمهم.

حاجة الحريري للدعم هي إذاً من دفعته ليفتح باب منزله لرؤساء الحكومات السابقين، والإجتماع بهم، بعدما كان حتى الأمس القريب رافضاً الإعتراف بهم، وناكراً وجود أي حيثية سياسية لهم، لا بل خاض معهم معارك سياسية ضارية إما لإسقاطهم في استحقاق الإنتخابات النياية الأخيرة، أو منعهم من الإقتراب من كرسي الرئاسة الثالثة إلا برضاه، معتبراً أن هذا الكرسي حقّ حصري له وحده دون بقية زعماء الطائفة السّنية؛ ومن يسترجع تجربته مع ميقاتي من جهة، والسّنيورة وسلام من جهة أخرى، سيصل حتماً إلى هذه الخلاصة.

ومع أن الحريري يُدرك أن من التقاهم يمنّون النفس أو يسعون للعودة إلى السرايا الحكومي الكبير، فإنّ تساءلات طرحت حول أسباب إلتقائه بهم إذاً؟ هنا تتفق كلّ الآراء على أن الحريري يعاني ضعفاً لم يسبق أن واجهه رؤساء الحكومات السابقين، الذين كانوا أكثر تشدداً منه بما يتعلق بمقام الرئاسة الثالثة وبصلاحيات من يتبوأها، وكانوا أكثر حنكة سياسية منه، وأبرع منه في القدرة على تدوير الزوايا، ولعله بسبب الضعف الذي يعانيه فتح أبواب بيت الوسط لهم للإستعانة بهم، ولو كان في موقع أكثر قوة لما أقدم على هذه الخطوة نهائياً. ولكي يغطي هذا الضعف وحاجته لدعم زملائه السابقين، سرّبت أوساطه أن من طلب عقد اللقاء هم الرؤساء السابقين وليس هو!

تعاطي الحريري بهذا الشكل مع خصومه السّياسيين داخل الطائفة السنّية ليس جديداً عليه. فبعدما سمّاه 8 نواب سنّة لتأليف الحكومة من أصل 10 من معارضيه السنّة، لم يقم بالتقدّم نحوهم، والإلتقاء بهم في منتصف الطريق، بل أصرّ على استبعادهم عن أي تمثيل وزاري في حكومته المرتقبة، مضيّعاً فرصة لا تفوّت لإرساء حدّ أدنى من وحدة الصفّ داخل الطائفة، بل مارس معهم سياسة مزدوجة: الأولى الإقصاء يوم يكون قوياً؛ والثانية الإستنجاد بهم وقت الشدّة، تحت حجّة أن استهدافه هو استهداف للطائفة!

مواضيع ذات صلة:

  1. ميقاتي يزيد ″التحصينات″ أمام صلاحيات رئيس الحكومة… غسان ريفي

  2. لقاء الحريري ميقاتي.. الكرة في ملعب الرئيس المكلف… غسان ريفي

  3. ميقاتي يسلّف الحريري مجددا.. فهل يلاقي يده الممدودة؟… غسان ريفي

Post Author: SafirAlChamal