تشكيل الحكومة دخل مرحلة عضّ الاصابع.. من يتألم عليه ان يقدم التنازلات!…غسان ريفي

بدا واضحا من تصريح الرئيس المكلف سعد الحريري بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومباركته للبرازيل بفوزها على كوستاريكا، بأن الاجتماع الذي كان يتوقع البعض ان يثمر عن ولادة الحكومة العتيدة قد باء بالفشل، وان حديث الحريري عن البرازيل اوحى بأن التشكيلة المقترحة من قبله لم تلق موافقة الرئيس عون.

وإذا كان صحيحا ان الحريري قد حصر التمثيل السني بتيار المستقبل باستثناء الوزير السني الذي سيسميه رئيس الجمهورية، فهذا يعني ان الرئيس المكلف قد أوجد لنفسه عقدة جديدة تتعلق بالسنة تضاف الى العقدتين المسيحية والدرزية.

في الجانب السني ثمة إصرار من النواب السنة من خارج تيار المستقبل على اعطائهم وزير على الأقل، وبعض الأصوات تطالب بوزيرين، اما كتلة الوسط برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي التي تضم أربعة نواب هم نصف عدد نواب طرابلس فمن حقها ان تتمثل من دون منّة الحريري الذي كانت اشارت معلومات الى نصائح خليجية تلقاها بضرورة التعاون مع ميقاتي لما يمكن ان يشكله له من دعم سني وسياسي، وإذا اصر الحريري على تغييب النواب السنة وكتلة الوسط عن التوزير فانه سيجد نفسه ″مزلطا″ سنيا، وسيواجه معارضة شرسة لن يكون من السهل تجاوز تداعياتها، علما ان قوى 8 آذار مصرة على توزير احد نواب السنة من الذين يدورون في فلكها.

في غضون ذلك تتجه العقدة المسيحية الى مزيد من التأزم مع إصرار القوات اللبنانية على ان تحصل على حقيبة سيادية او منصب نائب رئيس الحكومة، في الوقت الذي يتمسك فيه رئيس الجمهورية بمنصب نائب رئيس الحكومة، ويصر الوزير جبران باسيل على عدم تمثيل القوات بحقيبة سيادية، فيما حرب السجالات بين الطرفين تبلغ ذروتها، الامر الذي يحرج الرئيس الحريري الذي يعلم تماما أن السعودية تدعم القوات اللبنانية بقوة، وتريد ان يكون لها حصة وزارية وازنة.

ولا يختلف الامر بالنسبة للدروز في ظل تمسك وليد جنبلاط بالحصة الوزارية الدرزية كاملة، الامر الذي يرفضه التيار الوطني الحر الذي يطرح النائب طلال ارسلان وزيرا سياديا (وزارة الدفاع الوطني) ولعل انتقاد جنبلاط الاخير للعهد ووصفه بالفاشل سيضاعف من الأزمة بين الطرفين.

كل ذلك يشير الى ان الحكومة الحريرية الثالثة ما تزال ولادتها متعثرة، في ظل العصي الموضوعة في دواليب قطار التأليف، خصوصا في ظل المعلومات التي تؤكد بأن رفض رئيس الجمهورية للتشكيلة التي طرحها عليه الحريري لم يكن شكليا وإنما كان جوهريا لجهة اعتراضه على بنيتها وعلى حصة الأطراف السياسية، حيث طالب بان تراعي التشكيلة نتائج الانتخابات النيابية.

تشير مصادر في تيار المستقبل الى ان مباركة الحريري للبرازيل بعد لقائه رئيس الجمهورية توحي بأنه مرتاح على وضعه وانه عير مستعجل خصوصا أنه رئيس حكومة تصريف الاعمال ورئيس مكلف لتشكيل الحكومة، وان على من يستعجلون التشكيل لانطلاق العهد او لترجمة الانتصارات في الانتخابات النيابية ان يجدوا الحلول وان يعملوا على تذليل العقبات وحل العقد.

لكن بحسب مصادر سياسية أخرى، فإن ما يقلق الحريري الى حدود الخوف هو ضغط الهيئات الاقتصادية المتنامي عليه، والتقارير الصادر عن اكثر من جهة اقتصادية حول المخاطر التي يمكن أن يواجهها لبنان في حال الاستمرار في تأخير تشكيل الحكومة، فضلا عن الخطر الذي يحيط بمقررات مؤتمر سيدر، وهو ما حذّر منه مرارا وتكرارا رئيس مجلس النواب نبيه بري.

هذه الوقائع، تشير الى ان عملية تشكيل الحكومة عادت الى المربع الاول، وان الأطراف السياسية المعنية دخلت في لعبة “عض الاصابع” ومن يتألم بداية، عليه ان يقدم التنازلات تمهيدا لأن تبصر الحكومة النور.

مواضيع ذات صلة:

  1. لماذا نصَحَ الخليجيون الحريري بالتعاون مع ميقاتي؟… غسان ريفي

  2. غموض سعودي يُربك الحريري!… غسان ريفي

  3. من يحرس صلاحيات رئاسة الحكومة؟… غسان ريفي

Post Author: SafirAlChamal