هل وَضَع نواب طرابلس أزمة جبل النفايات على طريق الحل؟… غسان ريفي

jean 1

لأول مرة منذ إنتهاء الانتخابات النيابية الأخيرة يجتمع نواب طرابلس لمناقشة قضية حياتية بالغة الأهمية تتمثل بالكارثة البيئية والصحية الناتجة عن مكب النفايات الذي لا يهدد عاصمة لبنان الثانية فحسب، بل يهدد البحر الأبيض المتوسط برمته في حال تعرض المكب للانهيار، ما سيضع لبنان أمام مسؤوليات دولية وعقوبات وغرامات غير قادر على مواجهة تداعياتها.. فكرة الاجتماع أطلقها الرئيس نجيب ميقاتي الذي طلب خلال لقاء رمضاني جمعه في دارته مع رئيس البلدية المهندس أحمد قمر الدين دعوة كل نواب المدينة للبحث في الكارثة التي تهدد طرابلس وذلك لكي يطلع كل منهم عل تفاصيل أزمة المكب وأن يتحمل الجميع مسؤولياتهم في المتابعة والضغط على الدولة من أجل إيجاد الحل المؤقت تمهيدا لاقرار الحل المستدام.

وكان من المفترض أن يعقد هذا الاجتماع في الاسبوع الثاني من رمضان، لكن عراقيل فنية حالت دون ذلك، فتم تأجيله الى يوم أمس، حيث عقد لقاء في مركز رشيد كرامي الثقافي بمشاركة الرئيس نجيب ميقاتي وأعضاء كتلة الوسط المستقل: جان عبيد، نقولا نحاس، وعلي درويش، إضافة الى وزير العمل النائب محمد كبارة، النائب سمير الجسر، والنائب ديما جمالي، وغاب النائب فيصل كرامي الذي أصدر بيانا طالب فيه الحكومة بإيجاد المعالجات المطلوبة لأزمة النفايات، كما شارك رئيس وأعضاء المجلس البلدي، وممثلون عن مجلس الانماء والاعمار والشركة الهندسية المتعهدة تنفيذ مشروع المطمر الجديد.

لم يفوّت المجتمع المدني فرصة هذا الاجتماع، فتداعى عدد من الناشطين وتجمعوا أمام المركز الثقافي، ورفعوا اللافتات وأطلقوا الهتافات التي طالبت بإيجاد حل سريع لهذه الأزمة الصحية والبيئية، رافضين إنشاء مطمر جديد الى جانب المكب الحالي، مشددين على ضرورة إيجاد حل جذري، نهائي ومستدام للنفايات، يحمي الطرابلسيين ويضع حدا للتلوث الذي يصدر عن المكب والذي بدأت تحمله قوافل البرغش التي تجتاح المدينة وتفتك بأجساد المواطنين لا سيما الأطفال منهم، وقد حاول النائب جان عبيد إستيعاب فورة المجتمع المدني وتطمين الناشطين بأن الأمور ستأخذ طريقها نحو الحل.

مع بداية الاجتماع، أكد الرئيس ميقاتي أن للمجتمع المدني كل الحق بالاطلاع على هذه المناقشات وهو يمثل طرابلس وأهلها، ولا يجوز أن يبقى ممثلوه في الشارع وتحت أشعة الشمس، مقترحا أن يصار الى دعوة ممثلين عنهم لحضور الاجتماع والاستماع الى وجهة نظرهم، فسارع عدد من أعضاء المجلس البلدي الى إبلاغ المعتصمين الذين أوفدوا عنهم أربعة أشخاص شاركوا في مناقشات الاجتماع.

بدا واضحا خلال الاجتماع أن المزايدات من قبل البعض بهدف تسجيل النقاط، وكل التطلعات والحلول المطروحة لحل هذه الأزمة تبقى قاصرة حاليا في ظل الخطر البيئي الداهم من المكب الحالي الذي يشكل قنبلة موقوته من شأنها أن تهدد سلامة المواطنين والجوار، فضلا عن الروائح والسموم والغازات التي يبثها في أرجاء المدينة، وتؤدي الى مضاعفة الفاتورة الصحية على المواطنين بفعل الامراض الناتجة عنها، وخصوصا بعد فشل تجربة معمل فرز النفايات، وارتفاع سطح المكب الحالي الى ما يزيد عن 42 مترا، اضافة الى الخوف من اية تصدعات جديدة قد تحدث في جدار دعم المكب.

لذلك فقد ركزت مناقشات الاجتماع على ضرورة إيجاد الحل المؤقت الذي يساهم في الحد من خطر المكب الحالي الذي من المفترض أن يقفل في أسرع وقت ممكن لأن كل كمية جديدة من النفايات تدخله تضاعف من خطورته، وأن يصار الى إنشاء مطمر صحي بمواصفات فنية وبيئية عالمية، يخدم مدن الفيحاء ثلاث سنوات، وفي غضون ذلك يتم تنفيذ المشروع المستدام لمعالجة النفايات في منطقة دير عمار على أرض تحمل العقار رقم 399 وتبلغ مساحتها 421493 مترا مربعا، وهي ملك للدولة اللبنانية، وهذا المشروع يحتاج الى قرار صارم وحازم من قبل الحكومة اللبنانية وأن يكون متكاملا فنيا وتقنيا وبيئيا وصحيا.

كما تخلل الاجتماع إستعراض كل تفاصيل المشروع الجديد من المهندسين المعنيين، إضافة الى الحلول الأخرى المقترحة من الخبيرين الدكتورة ميرفت الهوز والدكتور جلال حلواني، أما نواب طرابلس فقد شددوا على ضرورة إيجاد الحلول الناجعة عبر طرق متطورة، وتوفير الضمانات لانجاح الخطة المقترحة، لاسيما وأن التجارب السابقة لم تكن مشجعة بتاتاً مع مجلس الانماء والاعمار، ودائما يختلف التنفيذ على الارض عما يقدم من خرائط ومواصفات، كما شددوا أيضا على ضرورة الانتباه الى وضع حد للتلوث وانبعاثات الغازات السامة لان الامر لم يعد يمكن ان نسكت عنه لان الفاتورة الصحية ترتفع بشكل مطرد في طرابلس نتيجة السموم التي يبثها المكب″.

بعد ذلك عرض الرئيس نجيب ميقاتي لبعض الاقتراحات، لجهة ″الاسراع باعطاء اذن مباشرة العمل في المطمر المقترح من قبل الحكومة ومجلس الانماء والاعمار، شرط الاسراع في انهاء العمل في المكب الحالي ومعالجته بداية بسحب الغازات ومعالجة العصارة بطرق فنية، ورش المبيدات للقضاء على الحشرات وتحويله الى حديقة عامة تليق بطرابلس، وتعيين استشاري لمعمل الفرز بشكل فوري وتوقيف التسبيخ والاستمرار بالفرز لحين أن يجد هذا الاستشاري الحل باقتباس الطريقة المتبعة في صيدا، وتعيين استشاري آخر لجمع النفايات في المدينة، ودفع الشركة المتعهدة الى تجديد آلياتها، ومن ثم البحث عن حلول مستدامة لطرحها في لقاءات أخرى، سواء في دير عمار أو غير ذلك، على أن نشكل جميعا حلقة ضغط ومراقبة للتنفيذ للحفاظ أولا وأخيرا على صحة المواطنين″.

Post Author: SafirAlChamal