هل تبقى الطائفة العلوية وحدها خارج الحكومة؟… غسان ريفي

تتطلع الطائفة العلوية الى اليوم الذي تتمثل فيه ضمن الحكومة اللبنانية لأول مرة في تاريخها، شأنها في ذلك شأن سائر الأقليات من الطوائف اللبنانية التي تجد من يحرص على تمثيلها وتأمين مقعد وزاري لها، وخصوصا طائفة السريان التي تشير المعلومات الى أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يُصرّ هذه المرة على إعطائها حقيبة وزارية لأول مرة في تاريخها، الأمر الذي يجعل العلويين بمفردهم خارج الحكومة.

عند كل تكليف رئيس جديد للحكومة، تُطرح قضية تعيين وزير علوي، إلا أن الأمر يُطوى سريعا بفعل رفض عرابي التأليف أن يتخطى عدد الوزراء الثلاثين، وعدم وجود حصة للعلويين والتي تبقى تائهة بين حصص المسلمين الموزعة على السنة والشيعة والدروز، لكن الرئيس عون وبحسب المعلومات أكد أنه سيعطي وزيرا لطائفة السريان من حصته تكون من حصة المسيحيين عموما، في حين لا أحد حتى الآن يمتلك المخرج الذي يؤمن تمثيلا وزاريا للعلويين من دون أن يعترض أي من المكونات السياسية على خرق التوازن الطائفي أو المذهبي، كما لم يبادر أي طرف إسلامي الى التبرع بمقعد للعلويين تكون من حصته الخاصة.

لا يختلف إثنان على أن الطائفة العلوية في لبنان تحتاج الى كثير من التنظيم، خصوصا أنها خلال المرحلة الماضية شهدت فوضى عارمة بين أقلية مدعومة سياسيا ممثلة في مجلس النواب، وبين أكثرية شعبية غير معترف بها سياسيا وغير ممثلة نيابيا، وفي ظل مجلس إسلامي علوي من دون رئيس بعد وفاة رئيسه الشيخ أسد عاصي، يحتاج الى إنتخابات سريعة من شأنها أن  تعيد صياغته على أسس واضحة تجعله على مسافة واحدة من جميع تيارات وأطراف الطائفة التي أثبتت الانتخابات النيابية الأخيرة أنها متنوعة ولها إتجاهات سياسية مختلفة، كما تخوله مع النائبين العلويين، العمل على وحدة كلمة الطائفة وتعزيز حضورها على الساحة اللبنانية، وتفعيل حضورها لدى الرؤساء الثلاثة وسائر التيارات السياسية، بما يساهم في جعل تمثيلها حكوميا أمرا واقعا.

يمكن القول أن الطائفة العلوية قطعت اليوم شوطا على صعيد التنظيم السياسي بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي أوصلت نائبين بأصوات العلويين الى مجلس النواب هما الدكتور علي درويش (عن طرابلس) ومصطفى علي حسين (عن عكار) وهما تقع على عاتقهما اليوم مسؤوليات كبيرة في إعطاء زخم سياسي للطائفة وتأمين تآلفها لبنانيا بشكل عام، وشماليا بشكل خاص وتحديدا طرابلسيا وعكاريا، ووضع حد للتناقض والشرذمة اللذين كانا ينعكسان عليها سلبا، فضلا عن إستكمال عملية التنظيم المتمثلة باجراء إنتخابات المجلس الاسلامي العلوي، ليكون هناك تناغما سياسيا ودينيا يساعد الطائفة على المطالبة بحقوقها في الحكومات بالدرجة الأولى، وفي الوظائف العامة مدنيا ودبلوماسيا وعسكريا.

وبغض النظر عن كل ذلك، ما يزال النائب الدكتور علي درويش يحمل قضية تمثيل الطائفة العلوية في الحكومة، معتبرا أنه مع إنتظام التمثيل السياسي للطائفة، لم يعد هناك أي عائق لتمثيلها خصوصا أنها تضم كفاءات عدة، وفي حال أصرّ رئيس الجمهورية على تمثيل طائفة السريان، فهذا يعني أن العلويين سيكونون بمفردهم خارج الحكومة، وهذا أمر غير جائز وفيه الكثير من الغبن بحق هذه الطائفة التي تحتاج الى كل رعاية وإختضان من أركان الدولة اللبنانية.

الدكتور درويش جال على كثير من القيادات السياسية، طارحا إدخال وزير علوي الى الحكومة، وكان آخر هذه اللقاءات أمس مع الرئيس نبيه بري حيث أعاد طرح هذا الملف عليه، وقد أبدى بري كل تجاوب معه، مؤكدا رغبته بذلك، لكن الأمر يعود الى الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية والى التوازنات السياسية والطائفية والمذهبية التي تتحكم بالتشكيلة الحكومية.

وتشير المعلومات الى أن الدكتور درويش طالب الرئيس بري بدعم الطائفة لا سيما بعد الانتخابات النيابية التي عبر فيها العلويون عن تطلعاتهم بانتخاب نائبين عنهم، لأن هذا الدعم من شأنه أن يعزز الحضور العلوي في لبنان وصولا الى التمثيل الحكومي.

ومن المفترض أن يبقى هذا الملف مفتوحا ليصار الى بحثه مع الرئيس المكلف الذي ما يزال يناقش عدد وشكل ومضمون حكومته.

Post Author: SafirAlChamal