الميناء: سكة القطار بحلة جديدة.. ماذا يخطط لها؟… عمر ابراهيم

train2

تشهد محطة القطار في ميناء طرابلس والتي كانت تشكل نهاية ما يعرف بـ″خط الشرق السريع″، حملة تنظيف واسعة تقوم بها الجمعية الفرنسية في إطار حملة ″تراثي تراثك″ بالتعاون مع بلدية الميناء، تمهيدا للمهرجان الذي سينطلق يوم السبت المقبل، ويهدف لتحويلها الى متحف ومركز ثقافي متخصص سيكون الاول من نوعه في منطقة الشرق الاوسط بحسب رئيسة الجمعية جومانا شهال تدمري.

تعتبر محطة القطار في الميناء من بين اكثر المعالم حرمانا وتهميشا، ولم تنفع كل المحاولات السابقة في دفع المسؤولين للاهتمام بها والاستفادة من موقعها وما تختزنه لتنشيط السياحة في المدينة، حيث  ما تزال المحطة تحتفظ بقطاراتها وأبنيتها وتجهيزاتها التراثية رغم تعرضها للتلف والتصدع والاهتراء بفعل مرور الزمن والاعتداءات المتكررة التي شهدتها سواء خلال الحرب الأهلية حيث أصيبت بقذائف صاروخية مباشرة، أو من قبل بعض المخربين ممن دخلوا إليها في مراحل مختلفة من الزمن وعاثوا فيها فسادا.

هذه الحملة التي بدأت منذ فترة، يعّول عليها الطرابلسيون كثيرا في إعادة إحياء خطوط التواصل مع سوريا والخليج العربي وأوروبا، خصوصا ان هناك وعودا  حكومية كثيرة باعادة إحياء سكة القطار وتشغيلها، لا سيما بعدما بات مطار رينيه معوض مجرد حلم بالنسبة لابناء الشمال الذين ينظرون الى مرفأ طرابلس وسكة القطار كبوابة للتواصل مع المحيط وتنشيط التجارة والسياحة.

وبحسب المعلومات التاريخية فانه في العام 1908 اتخذ عدد من العائلات الطرابلسية قرارا بإنشاء محطة قطار بأموالهم الخاصة، تربط مدينتهم بأوروبا عبر حمص وحلب وإسطنبول وصولا إلى باريس. وقام ممثلو هذه العائلات بتكليف شركة شوسيه الفرنسية بتنفيذ المشروع لأن الفرنسيين هم الذين كانوا ينفذون سائر الخطوط الحديدية في لبنان. ونفذ المشروع وفق طراز يجمع ما بين التراث العثماني والحضارة الفرنسية، وانطلق القطار من ميناء طرابلس للمرة الأولى باتجاه حمص في منتصف العام 1911 وسط احتفالات عمت أرجاء المدينة بهذا الانجاز، خصوصا أنه بات للعائلات التي ساهمت بإنشاء المحطة أسهم فيها، وهي إذا ما انتفت عنها اليوم صفة محطة القطار فإن الأبنية والقطارات والأرض يجب أن تعود إلى ورثتها.

وفي العام 1920، وبعد الحرب العالمية الأولى، قامت سلطة الانتداب الفرنسي بتأميم خط سكة الحديد ووضعت يدها عليه، بحجة أن السكة الحديد يجب أن تكون ملكا عاما، ثم انتقلت ملكية المحطة إلى الدولة اللبنانية بعد الاستقلال في العام 1943.

ويوجد في محطة طرابلس اليوم قطاران من طراز ج 7 صنعا في ألمانيا في العام 1895، وهما النموذج الأول لقطار الشرق السريع في العالم، الذي ما تزال قطعات منه موجودة في متاحف العالم، لكن القطارين الموجودين مهترئان ويتآكلان من الصدأ، ويحتاجان إلى إعادة تأهيل وترميم، وكذلك الأبنية التراثية التي تعتبر فريدة من نوعها والتي تعرضت لكثير من التصدعات نتيجة إصابتها إصابات مباشرة خلال الحرب اللبنانية، وهي مبان لا يوجد من طرازها سوى في جنوب فرنسا حيث تصنفها الحكومة الفرنسية أبنية تاريخية وتتضمن متاحف عدة.

وتقول الدكتورة جمانة تدمري: يعود اختيار المكان لتسليط  الضوء على السكة الحديد وجمالياتها وأهميتها التاريخية ولرفع الصوت بضرورة المحافظة عليها كإرث تراثي وثقافي خصوصاً أن معظم أبنيتها باتت مهددة بالسقوط، مشيرةً إلى أن العمل بدأ منذ أشهر بالتعاون مع بلدية الميناء لإزالة الأعشاب المنتشرة بكثافة فيها وتجميلها لكي نتمكن من استقبال الزوار.

Post Author: SafirAlChamal