الخطاب السياسي للنائب الدكتور علي درويش.. ″الواقع والمرتجى″… ابراهيم ديب اسعد

منذ انطلاقِ حملتِه الانتخابيةِ حرصَ الدكتور علي درويش على تحديدِ جملةِ مصطلحات ومفاهيمَ ومفرداتٍ شكّلتْ بنيةَ خطابِهِ السياسي، ولقد استولدَ هذه المفرداتِ والمفاهيمَ من الواقعِ القائمِ راصداً سلبياتِه لتجاوزِها، وممسكاً بايجابياتِه لتعزيزِها وترسيخِها. 

والمتأمّلُ لواقعِ طرابلسَ ولمنطقةِ جبل محسن، حيثُ نشأ د.علي وتلقّى بذورَ فكرِه ووعيِه، يجدُ ان الإنغلاقَ والإنكفاءَ حاصرا جبل محسن والطائفةَ العلويةَ، وشكّلا سدّاً بين أبناءِ الجبلِ واخوتهم في طرابلس. 

استطاعَ د.علي درويش أنْ يخترقَ هذا الحصارَ وينسجَ أرقى العلاقاتِ مع أبناءِ الفيحاءِ، ليتبيّنَ له بكلّ وضوحٍ لا لبسَ فيه، أن تلك الأسوارَ التي ضُربتْ بين المنطقتين ما هي الا أوهامٌ نفسية مصطنعة خلقتْ حالةً من الخوفِ والقلقِ والحذر. 

وظهر له جليّاً القواسمُ المشتركةُ بين الجميع والتي يمكنُ البناءُ عليها وتفعيلها من اجل هدمِ هذه الجدرانِ وإعادة تجسيرِ العلاقة بين أبناءِ المدينةِ الواحدة. 

قدّم د.علي من خلالِ خبرتِهِ وتجربته ومعرفته المباشرة بالمنطقتين، منطقَ الحوارِ والانفتاحِ والاعتدالِ.

وهذه المفاهيم المستقاةُ من روحيّة القرآنِ والاسلامِ والسنّة النبويّةِ والتي تجمع بين المنطقتين ايماناً واسلاماً وولاءً للوطن الواحد .

قدّمَ تحربتَه مثالاً يُحتذى وانموذجاً يُرتجى لتأكيد صحةِ رأيِه ورؤيته. وجاءت نتائجُ الانتخاباتُ لتعزّزِ هذه الرؤية وتؤكدَ صوابيتَها، وتؤشرَ الى ان هذا هو مطلب الجميع وغايتهم، فتلقفته العقول بقناعة راسخة، واستروحتْ له النفوسِ، واطمأنت به القلوب. وفي موازاةِ هذا الخطاب كبنية فوقية نظرية، قام د.علي بحركة دينامية فاعلة تواصل من خلالها مع الشرائح الاجتماعية كافةً.

من الغني الى الفقير الى الاكثر فقراً. فاستمع مباشرة الى الناسِ وتلمّسَ جراحَهم وأوجاعَهم، وتقصّى آمالَهم وحواّئجَهم .

وأهم من ذلك كله وقبل كل ذلك، انه وضعَ اللبَنَةَ الأولى لمدماكِ الثقة التي غابت واحتجبت بين المواطن والمسؤول، لسنوات طوال كانت عجافاً على الناسِ إهمالاً وحرمانا. 

وما زال النائب علي درويش وبعد فوزهِ بالانتخابات، يتحركُ بنفس الروحيةِ والدينامية ساعياً وجاهداً ودائباً لتأصيلِ رؤيتِه وبلورتِها لتكون نهجاً مترابطاً ومتّسقاً، فتغدو واقعاً وعملاً وسلوكاً. وليفتح البابَ على مصراعيه امام الجميع للخروج من هذا الحيادِ السلبي وخاصة النخب المثقفة لدينا التي استقالتْ من مهامها ودورها في استنهاض المجتمع وترميم فجواته. 

لكل منا دورٌ عليه ان يؤديه، ولكل منا رأي وفكرٌ واستشراف. فلننهض جميعنا بكل عزمٍ وتفاؤل لمواجهة مشاكلنا وتقديم الحلولَ والمقترحات، وتعزيز الامكانيات ومضاعفتها، في سبيل تحقيق ما نصبو اليه نحن وابناؤنا.

وان نعلمَ جميعا اننا جزءٌ من نسيج طرابلس واهلها الكرام. 

واننا مكوَّنٌ اساسيٌّ من مكونات الوطن الحبيب. 

لنا حقوقٌ يجبُ تحصيلُها، وعلينا واجباتٌ يجب الالتزامُ بها.

“وقل إعملوا فسيرى اللهُ عملَكم ورسولُه والمؤمنون”.

ابراهيم ديب اسعد (أستاذ مادة الفلسفة)

Post Author: SafirAlChamal