الحريري يقرأ في كتاب قديم: لا لسنّة المعارضة في الحكومة… عبد الكافي الصمد

بعدما تصدّرت عقد التمثيل المسيحي والدرزي واجهة العقبات التي تعترض تأليف الحكومة، يبدو أن عقدة التمثيل السنّي في طريقها لتكون واحدة من أبرز العقد التي على ما يظهر تؤرق بال الرئيس المكلف سعد الحريري أكثر من سواها.

فمنذ أن رست الإستشارات النيابية الملزمة على تكليفه تأليف الحكومة المقبلة في 24 أيار الماضي، في أعقاب الإنتخابات النيابية التي جرت في السادس من الشهر نفسه، إرتأى الحريري الصمت حيناً أو الإكتفاء بإشارات غير مرحبة منه أو من مقربين منه بإعطاء حقيبة وزارية لأي جهة أو طرف سنّي خارج تيار المستقبل.

تمسّك زعيم التيار الأزرق بكامل الحصّة السنّية الوزارية لتياره، بدا محاولة يريد منها الإقتداء بالثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، الذي أعلن أنه يريد الحصة الشيعية في حكومة الحريري كاملة له، وبرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الذي يصرّ على رفض توزير منافسه النائب طلال إرسلان، ويتمسّك بحصرية التمثيل الدرزي به.

غير أن مسعى الحريري للتشبّه بالثنائي الشيعي وبالزعيم الدرزي لا يبدو منطقياً ولا ينطبق مع الواقع الذي أنتجته الإنتخابات النيابية، إذ في حين فاز الثنائي الشيعي بـ26 نائب من أصل 27، علماً أن النائب الأخير ليس بعيداً عن فلكهما، وفاز 7 نواب دروز من المقربين من جنبلاط، باستثناء إرسلان، فإن الحريري مُني بانتكاسة هي الأكبر له منذ دخوله معترك العمل السياسي عام 2005، عندما استطاع 10 نواب سنّة، من أشد المعارضين له، الفوز وكسر هيمنته على التمثيل النيابي السنّي، وصولاً إلى مزاحمته زعامة الطائفة بشكل جدّي لأول مرة منذ نحو عقد ونيّف.

ومع أن النواب السنّة العشرة توزعوا على مختلف المناطق اللبنانية من بيروت إلى صيدا وإقليم الخروب والبقاع والعرقوب وصولاً إلى بعلبك، فإن النواب السنّة الذين فازوا في دائرة طرابلس والمنية ـ الضنية، على عكس رغبة الحريري ومحاولاته إسقاطهم، لهم حيثية مختلفة عن بقية زملائهم الآخرين من خصوم الحريري.

ففي طرابلس، أصاب الرئيس نجيب ميقاتي أكثر من عصفور بحجر الإنتخابات، فهو حصد نصف نواب المدينة البالغ عددهم ثمانية، وهو احتل المرتبة الأولى بين جميع المرشحين السنّة في لبنان، بمن فيهم الحريري نفسه، وكذلك إستطاع النائب فيصل كرامي كسر الحصار الذي ضرب حوله لإسقاطه وإغلاق واحد من أعرق “البيوتات” السياسية اللبنانية، أما في الضنية فقد نجح النائب جهاد الصمد باحتلال المرتبة الأولى فيها، بعدما حصد لوحده أصواتاً تقارب أصوات مرشحي التيار الأزرق في المنطقة.

وبلغة الأرقام، فإن أكثر من نصف نواب هذه الدائرة (6 من 11)، ممّن فازوا في الإنتخابات، هم من خصوم الحريري، ومع ذلك فإنه يريد تغييبهم عن التمثيل في داخل حكومته، برغم أنه وبعض نوابه الزرق دعوا بعد الإنتخابات إلى تأليف حكومة تعكس أحجام التمثيل النيابي.

وفي خطوة تعكس سعي الحريري كليّاً لتجاهل نتائج الإنتخابات، تسرّب أوساطه أسماء مرشحين من طرابلس لدخول حكومته جميعهم من مؤيديه أو مقربين منه أو حلفاءه، ما أثار تساؤلات حول مصداقية كلام الحريري وفريقه السياسي من أنه يريد تأليف حكومة وحدة وطنية جامعة، يتمثل فيها الجميع، اللهم إلا معارضيه في الطائفة السنّية.

وإذا ما استمر الحريري في محاولته هذه، فإنه لا يكون فوّت فرصة نادرة لخلق إجماع سنّي حوله، خصوصاً أن 8 نواب من أصل النواب العشرة المعارضين له سمّوه لرئاسة الحكومة في الإستشارات النيابية الملزمة، إنما لأن هؤلاء سوف يتحوّلون إلى أشرس معارضيه، ما سيجعله مكشوفاً سياسياً سواء في طائفته أو أمام الآخرين.

مواضيع ذات صلة:

  1. الحريري والتمثيل الوزاري السنّي: زمن الأوّل تحوّل… عبد الكافي الصمد

  2. حكومة الحريري تحتاج ″معجزة″ رمضانية لولادتها… عبد الكافي الصمد

  3. هكذا تُولد الحكومات: حكومة الحريري نموذجاً… عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal