الحكومة لن تكون عيدية.. الحريري وحيداً… عبد الكافي الصمد

لا يبدو أن الموعد الذي ضُرب حول أن تشكيل الحكومة المقبلة سيتم قبل عيد الفطر قابلاً للتحقق، و″العيدية″ التي قيل إن اللبنانيين سيتلقونها عشية العيد بتشكيل حكومتهم لن يحصلوا عليها، بعدما تبيّن أن دون تأليف الحكومة عقبات كثيرة.

فبعيداً عن العقد التي حالت حتى الآن دون تأليف الرئيس المُكلف سعد الحريري حكومته، والتي أشبعت نقاشاً وتحليلاً، من الإعتراضات على التمثيل المسيحي إلى رفض رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط التنازل عن ″كل″ حصّة الدروز في الحكومة، فضلاً عن إشكالية تمثيل سنّة المعارضة وحصّة رئيس الجمهورية ميشال عون، تبين أن عقبات أخرى تحول دون تأليف الحكومة، لا تقلّ أهمية وتأثيراً عن العقبات السابقة.

أبرز هذه العقبات الأخرى يمكن تلخيصها بالتالي:

أولاً: يعرف الحريري أكثر من سواه أن استقواء رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع وجنبلاط عليه بالمملكة العربية السعودية بات أمراً واقعاً أمامه، وأن إزعاجه لحليفيه السابقين في قوى 14 آذار، يعني تلقائياً إزعاجه للمملكة، وهو أمر يدرك أنه ليس قادراً على تحمّل تبعاته. هذا الإستقواء جعل القوات اللبنانية ترفض بشدّة التنازل عن حصّة وزارية تعتبرها مناسبة لحجم كتلتها النيابية، والأمر ذاته ينسحب أيضاً على جنبلاط، وقد عُبر عن هذا الإستقواء باستقبال جعجع الدائم لمسؤولين سعوديين في معراب، وفي ذهاب جنبلاط إلى السعودية للقاء الملك سلمان، وهي رعاية سعودية لجعجع وجنبلاط يفتقدها الحريري اليوم، بعدما كان حتى الأمس القريب يعتبر “الإبن المدلل” للمملكة في لبنان.

ولا ينبع إستقواء القوات اللبنانية وجنبلاط بالسعودية على الحريري من فراغ، فهما اليوم يقدمان نفسيهما على أنهما بقايا نواة فريق 14 آذار الذي انفرط عقده، ويتمسكان بمبادىء ثورة الأرز أكثر من الحريري، الذي ذهب بعيداً عن هذه المبادىء بتقربه من حزب الله، وانتخابه العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، قبل أن يقيم تحالفاً مع صهر الجنرال ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، على حساب حلفائه السابقين، بمن فيهم حلفاء المملكة.

ثانياً: لم يكن التحالف البديل الذي أقامه الحريري مع باسيل، لأهداف فرضتها ظروف مختلفة، أكثر حظّاً من غيره، إذ سرعان ما بدأت معالم التصدّع تظهر عليه، ليس بسبب عدم وجود إنسجام شخصي أو ما شابه بينهما، إنما بفعل تعارض “الأجندات” والأهداف بين الطرفين، وكذلك التحالفات السياسية الداخلية والخارجية، كانت آخر معالمه التباين حول موضوع النازحين السوريين في لبنان والسجال الذي نشب بين باسيل والمفوضية العليا لشؤون النازحين، الذي بدا خلاله أن باسيل تخطى الحريري، وتصرف وكأنه هو رئيس الحكومة والناطق باسمها، وليس الحريري، ما أثار إمتعاضاً كبيراً في أوساط الحريري والشّارع السنّي ما يزال يتفاعل.

ثالثاً: ما يزال الحريري يُصرّ على تجاهل نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، التي أفضت إلى نجاح 10 نواب سنّة معارضين للحريري، من أصل 27 نائب، وهو يرفض تمثيلهم في حكومته المنتظرة، مع أن القاعدة التي تسير عليها عملية تأليف الحكومة تعطي هؤلاء النواب ثلث الحقائب الوزارية المخصّصة للسنّة على الأقل.

إصرار الحريري على إبعاد خصومه السنّة عن حكومته سيجعله محشوراً بين أمرين أحلاهما مرّ: الأول أنه سيخسر دعماً سياسياً وشعبياً سنّياً في معركة الحفاظ على موقع رئاسة الحكومة، إذ إن هؤلاء النواب العشرة لن يدعموه بالمجان، برغم أنهم حريصون مثله وأكثر على موقع الرئاسة الثالثة؛ والثاني أن فشله في تأليف الحكومة سوف يفتح الطريق أمام سواه من الشخصيات السنّية لتأليفها، بعدما باتوا إثر الإنتخابات النيابية لا يقلون وزناً وتمثيلاً سياسياً وشعبياً عنه، سواء في بيروت أو طرابلس أو الضنية أو صيدا أو البقاع.

مواضيع ذات صلة:

  1. تعقيدات داخلية وخارجية تؤخر ولادة الحكومة… عبد الكافي الصمد

  2. الحريري والتمثيل الوزاري السنّي: زمن الأوّل تحوّل… عبد الكافي الصمد

  3. حكومة الحريري تحتاج ″معجزة″ رمضانية لولادتها… عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal