حكومة الحريري تحتاج ″معجزة″ رمضانية لولادتها… عبد الكافي الصمد

لم يحجب مرسوم التجنيس الأخير، والسّجال الواسع الذي دار حوله، موضوع تأليف الحكومة المقبلة، لا بل فقد كشف التراشق وتبادل الإتهامات حول مرسوم التجنيس بأن الهدف الرئيسي هو الحكومة، وأن المرسوم استخدم كمنصّة إستغلها كل طرف لأهداف محددة بالنسبة إليه.

فبعد الجمود الذي شاب المناقشات والإتصالات حيال تأليف الحكومة العتيدة بسبب سفر الرئيس المكلف سعد الحريري إلى السعودية في زيارة عائلية، فإن عودته سوف تسهم في رفع سقف المفاوضات وتكثيف الإتصالات، من أجل حلحلة العقد وإخراج التشكيلة الحكومية إلى النور، لأنّ أي تأخير سيجعل أمر تأليفها أكثر تعقيداً.

ولا يبدو أن العقد التي واجهها الحريري منذ تكليفه قبل نحو أسبوع، قد ساعد سفره للسعودية في حلحلتها، أو فكفكة بعضها، إذ تبين أن هذه العقد ما تزال كما هي، نظراً لتمسك كل طرف بوجهة نظره، وبما يعتبره ″حقٌ″ له ينجسم مع حجمه السياسي الذي أفرزته الإنتخابات النيابية الأخيرة، بالرغم من أن كل طرف ينظر إلى هذا “الحجم” من منظور مختلف عن الآخرين.

تيار المستقبل مثلاً، الذي كان يملك أكبر كتلة نيابية في مجلس نواب 2009 كان عددها 33 نائب، وتراجعت إلى 21 نائبا، ما يزال يصرّ على أن تكون حصّة الوزراء السنّة في الحكومة المقبلة كلهم من نصيبه، برغم أن عشرة نواب سنّة من أصل 27 (37 %) لا يدورون في فلكه، ما يعني أن عليه بأن يُسلّم بخسارة حقيبتين سنّيتين في الحكومة، وهو أمر ينسجم مع ما دعت إليه كتلة المستقبل النيابية الأسبوع الماضي، عندما دعت في بيان لها إلى ″تشكلية وزارية تترجم نتائجَ الإنتخابات″، إلا إذا كانت الكتلة الزرقاء تقول شيئاً لا تدرك معناه.

لكن التمثيل المسيحي في الحكومة يبقى عقدة العقد. فإضافة إلى السجال الدائر بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية حول حجم تمثيل كل منهما في الحكومة، ومطالبة القوات بتمثيل مواز لتمثيل التيار البرتقالي، ورفض الأخير له، برزت كذلك عقدة حصّة رئيس الجمهورية ميشال عون، والتعاطي معها باعتبارها منفصلة عن حصة تياره، وهو ما استدعى مطالبة الحريري بحصة وزارية مماثلة له منفصلة عن حصة تياره الأزرق، يضاف إلى ذلك عقدتي تمثيل حزب الكتائب الذي لا يملك عدداً كافياً من النواب (ثلاثة نواب فقط) يؤهله لدخول الحكومة، و تيار المردة الذي يطالب بحصة لا تقل عن وزيرين للتكتل الوطني الذي يشارك فيه ويضم 7 نواب، وكتلة الوسط المستقل التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي التي ترى أنه يحق لها المشاركة في الحكومة بسبب إمتلاكها أربعة نواب، ولكنها تخشى تملّص الحريري من وعوده.

ولا تسقط هنا عقدة التمثيل الدرزي في الحكومة، التي تجاوزت إطارها التقليدي بين ″جناحي″ رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي طلال إرسلان، لتدخل في ″بازار″ الإصطفاف السّياسي بين الدائرين في فلك العهد والمعارضين له، ما سيجعل ولادة الحكومة أمرا صعبا، وتحتاج إلى معجزة ليس معروفاً إن كانت الأيام العشرة الأواخر من شهر رمضان ستشهد معجزة من هذا النوع.

مواضيع ذات صلة:

  1. حكومة الحريري قبل الفطر أو بعد الأضحى… عبد الكافي الصمد

  2. هكذا تُولد الحكومات: حكومة الحريري نموذجاً… عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal