الضنّية تدعم الصّمد: عدم تسميته الحريري مُشرّف… عبد الكافي الصمد

لم يكن مفاجئاً ما أعلنه النائب فيصل كرامي بعد لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون خلال الإستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، يوم أمس، مع أعضاء ″كتلة التكتل الوطني″ التي تضم: فريد هيكل الخازن، طوني فرنجية، إسطفان الدويهي، فايز غصن، مصطفى الحسيني وجهاد الصمد، من أنهم سمّوا الرئيس سعد الحريري ″لتشكيل الحكومة الجديدة، باستثناء الأستاذ جهاد الصمد الذي امتنع عن التسمية″.

عدم تسمية الصمد للحريري كانت متوقعة، وإن لم يعلن عنها مسبقاً، برغم أن التكتل الوليد الذي عقد مساء أول من أمس أول إجتماع له في منزل الخازن، بعد الإنتهاء من حفل الإفطار الذي أقامه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القصر الرئاسي في بعبدا، أرجأ إعلان موقفه إلى يوم أمس.

في هذا الوقت كان الصمد قد أبلغ زملاءه في التكتل أنه لن يُسمّي الحريري، في موازاة تأكيده إلتزامه التكتل، وتفاهمه التام مع أعضائه، وبدعم صديقه وحليفه رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية في معركة إنتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة، مع أن الأخير حاول إقناعه بالعدول عن قراره، إلا أنه نزل عند رغبته بالتمسك بموقفه، وبدوافعه وخصوصيته.

أسباب كثيرة دفعت الصمد إلى عدم تسمية الحريري، منها سياسي وبعضها شخصي، ما جعل كثير من خصومه قبل مناصريه يرون أنه كان منسجماً مع مواقفه ومبادئه، ومتمسكاً بسياسة عامة لم تكن ملتبسة ولا إنتهازية، ووفياً أميناً على أصوات 11897 ناخب إقترعوا له في إنتخابات 6 أيار الجاري، بمواجهة ماكينة تيار المستقبل التي لم توفر وسيلة للنيل منه، ولم تستطع، بل طوّبته الضنّية في تلك الإنتخابات “زعيماً” عليها، بحصوله على نحو 40 % من أصواتها، محتلاً المرتبة الأولى بين المرشحين، ومتقدماً على منافسيه في لائحة تيار المستقبل، النائب سامي فتفت (7943 صوتاً) والنائب السابق قاسم عبد العزيز (6382 صوتاً).

فمنذ عام 2005، وقف الحريري وتيّاره ونوابه موقفاً عدائياً من الصمد، فقط لأنه رفض رفع الراية البيضاء له، وعدم مواقفته على “العمياني” على السياسة التي اتبعها التيار الأزرق سياسياً ووطنياً وإنمائياً، وهو موقف عدائي بلغ سقفاً عالياً في إنتخابات 2009، عندما دعا الحريري في مهرجان إنتخابي الناخبين بقضاء المنية ـ الضنية، إلى “شحط” الصمد من المنطقة، وآثر الصمد أخلاقياً عدم الرد؛ وفي الإنتخابات البلدية عام 2016 عندما سعى الحريري بكل ثقله لإسقاط الصمد في مسقط رأسه ببلدة بخعون، كبرى بلدات الضنية، التي اعتبر الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، عامها، أن أربع بلديات يهمّ تيّاره أن يفوز بها في لبنان، هي: بلديات بيروت، صيدا، طرابلس .. وبخعون!

هذه التجربة المؤلمة لعلاقة الصمد مع الحريري وتيّاره، جعلته يتخذ قرار المواجهة، فوقف سدّاً منيعاً في وجهه طيلة 13 عاماً بشكل متواصل، يواجهه باللحم الحيّ ووقوف قاعدة شعبية صلبة من خلفه، حوّلته إلى رقم صعب في الضنية يصعب تجاوزه وجعلته يلحق بالتيار الأزرق أكثر من هزيمة، كان أبرزها الإنتخابات البلدية وانتخابات إتحاد بلديات الضنية عامي 2010 و2016، فضلاً عن تأمينه عن طريق حلفائه في السلطة مشاريع وخدمات للمنطقة وأبنائها، الذين كانوا وما يزالون بالنسبة إليه أولوية مطلقة.

صدى موقف الصمد في الضنية كان مرحباً به، وقد حفلت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات لمواطنين من مختلف بلدات وقرى الضنية، منهم مؤيد ومنهم معارض للصمد، إعتبرت عدم تسميته الحريري موقفاً شجاعاً ومشرفاً، وأنه يصون كرامة الضنية وعنفوان أهلها، وأنه أصبح للضنية هوية (هو الشعار الذي رفعه الصمد في حملته الإنتخابية)، وتساؤلات: هل نُسمّي الحريري على الحرمان والظلم والتبعية العمياء، وتسلط أجهزته على الضنية طيلة 13 عاماً؟.

يُضاف إلى ذلك، من البديهي أن من يريد الترشح لأي منصب كان، سواء كان رئيس بلدية أم رئيس حكومة أو غيرهما، أن يجري إتصالات طلباً لنيل أصوات الناخبين، والحريري بترشحه لتأليف الحكومة المقبلة كان بحاجة إلى أصوات نواب المجلس الـ127 ليوافقوا على تكليفه، لكنه لم يُكلّف نفسه عناء الإتصال بالصمد طلباً لهذا التأييد، والأخير ليس مستعداً أن يُقدّم صوته لأحد بالمجان، لأن السياسة ليست عملاً خيرياً، كما أن الحريري لم يوجه إليه التحية حتى يردّها إليه بأحسن منها.

فبعد كل ذلك، ماذا عدا ممّا بدا حتى يُسمّي الصمد الحريري رئيساً مكلفاً، وهل يظنّ الحريري أن مرحلة سوداء إمتدت 13 عاماً يمكن أن تُطوى وكأنّ شيئاً لم يكن؟

مواضيع ذات صلة:

  1. ضغط سنّي بانتظار الحريري: إنتهاء زمن الآحادية … عبد الكافي الصمد

  2. الإنتخابات تعيد ″التوازن″ السّياسي إلى الشّمال… عبد الكافي الصمد

  3. الصّمد يستعيد ″هوية″ الضنية.. واستياء من جهاد يوسف… عبد الكافي الصمد

 

Post Author: SafirAlChamal