أمر عمليات بتكليف سريع للحريري.. لكن كيف سيكون التأليف؟… غسان ريفي

بدا لبنان يوم أمس وكأنه يعيش ″أمر عمليات″ يقضي باستمرار التسوية السياسية المحلية تحت شعار التوافق الداخلي، و″النأي بالنفس″ عن أحداث المنطقة، بدءا من إجراء الانتخابات النيابية، مرورا بانتخاب رئيس مجلس النواب وهيئة مكتب المجلس، وصولا الى إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، حيث شهد قصر بعبدا أسرع إستشارات نيابية في تاريخه، إنتهت لصالح الحريري بـ 111 صوتا، وإمتناع 17 عن التصويت.

سرعة التكليف، ليس بالضرورة أن تؤدي الى إنجاز التأليف بالسرعة نفسها، وإن كان هناك إجماع لبناني على أهمية تشكيل الحكومة خلال أسابيع قليلة، لكي يكون لبنان محصنا، ومستعدا لمواجهة أي صراع إقليمي جديد يمكن أن يطل برأسه في المنطقة، لكن ثمة حسابات داخلية حول الحصص الوزارية من شأنها أن تضع العصي في دواليب قطار الحكومة، خصوصا في ظل صراع الثنائي المسيحي الذي إنتهت جولته الأولى لمصلحة التيار الوطني الحر في إنتخابات هيئة مكتب مجلس النواب، وهو مرشح الى مزيد من التأزم، خصوصا مع دخول شريك مضارب تمثل بكتلة الكتائب التي فجرت مفاجأة سياسية خلال الاستشارات بتسميتها الرئيس سعد الحريري.

لا شك في أن الحريري الذي سيبدأ إستشاراته النيابية يوم الإثنين المقبل في مجلس النواب، سيجد نفسه بين نارين، نار التحالف والالتزام مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل الذي يسعى الى محاصرة القوات اللبنانية وإحراجها لاخراجها من الحكومة، ونار إضطراره لإرضاء القوات ورئيسها سمير جعجع المدعوم سعوديا، فضلا عن مراعاته لكل الكتل النيابية التي قامت بتسميته، لا سيما على الصعيد السني حيث بات محكوما باعطاء مقعد وزاري لكتلة “الوسط المستقل” برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي والتي بادرت الى تسميته.

كثيرة هي الملاحظات التي يمكن تسجيلها في يوم الاستشارات الطويل لجهة:

أولا: الموقف الايجابي الذي قام الرئيس نجيب ميقاتي بتسليفه للحريري بتسميته، متجاوزا بذلك كل الاساءات التي تعرض لها من الحريري وتياره خلال الحملة الانتخابية، لما فيه مصلحة لبنان.

ثانيا: المفاجأة التي فجرتها كتلة حزب الكتائب بتسمية الحريري، والتي قد ترتب عليه مقعدا وزاريا كتائبيا.

ثالثا: مغادرة وزير الداخلية نهاد المشنوق قصر بعبدا مباشرة بعد لقاء رئيس الجمهورية، وعدم وقوفه مع نواب كتلة المستقبل خلال إعلانها تسمية الحريري، ما يشير الى أن العلاقة بين المشنوق والحريري تزداد سوءاً، نتيجة إعلان زعيم المستقبل بأنه سيعتمد مبدأ فصل النيابة عن الوزارة الأمر الذي وجد فيه المشنوق إستهدافا مباشرا له، وهو بتصرفه أمس أوحى بأنه غير معني بكتلة المستقبل، وبأن تسميته للحريري جاءت من باب رفع العتب.

رابعا: إستكمال إنقلاب النائب بولا يعقوبيان على الرئيس الحريري بعدم تسميته لرئاسة الحكومة، ضاربة عرض الحائط كل الاحتضان الذي منحها إياه الحريري خلال مسيرتها الاعلامية كونها تربت وترعرت ونالت شهرة واسعة من خلال تلفزيون المستقبل وقربها من الحريري، في حين لم يحرك المناصرون الزرق ساكنا حيال إنقلاب يعقوبيان الذي وجد فيه كثيرون قلة وفاء منها، في حين صبوا جام غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي على النواب الذين إمتنعوا عن تسميته.

خامسا: تمايز النائب جهاد الصمد عن تكتل لبنان المستقل حيث إمتنع عن تسمية الحريري بالرغم من قيام أعضاء التكتل الستة بتسميته، محافظا بذلك على إستقلاليته ضمن هذا التكتل الذي ما يزال في طور التأسيس.

سادسا: قيام حزب الله بتسمية الحريري من دون أن يسميه، عندما أكد تعاونه مع الرئيس المكلف ومشاركته في الحكومة وإقتراح إنشاء وزارة للتخطيط.

سابعا: حضور رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى قصر بعبدا من دون موعد مسبق، ولقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، وقيامه بالتحدث باسم الكتلة لدى خروجها من اللقاء، ما يشير الى حالة الارباك التي يعيشها جعجع حيال الحصار الذي بدأ يفرضه عليه جبران باسيل، والذي تمثل بداية في إنتخاب هيئة مكتب مجلس النواب ومن المرجح أن يستكمل في تشكيل الحكومة، حيث تشير المعلومات الى أن جعجع أبلغ رئيس الجمهورية بضرورة الحفاظ على تفاهم معراب، وأن من حق القوات أن يكون لها حصة وزارية تتناسب مع عدد نوابها.

من المفترض أن يبدأ الرئيس المكلف زياراته البروتوكولية لرؤساء الحكومات السابقين إعتبارا من اليوم، على أن يبدأ الاستشارات النيابية غير الملزمة في مجلس النواب يوم الاثنين المقبل، فهل يكون التأليف بسهولة التكليف، أم أن أجواء التوافق ستتبدد عند تقاسم الحصص الوزارية.

مواضيع ذات صلة:

  1. الحكومة المقبلة.. بين سندان الصراع المسيحي ومطرقة العقوبات… غسان ريفي

  2. هل تبادر السعودية الى رأب الصدع بين ميقاتي والحريري… غسان ريفي

  3. كيف ستشارك طرابلس في الحكومة المقبلة؟… غسان ريفي

Post Author: SafirAlChamal