مجلس 2018 يُدشّن مسيرته اليوم: واقعٌ سياسي جديد… عبد الكافي الصمد

يبدأ مجلس النواب المنتخب في 6 أيار الجاري عمله فعلياً اليوم، ولفترة ستمتد أربع سنوات، بتجديد إنتخاب الرئيس نبيه برّي رئيساً له، بعد تغيير جذري طرأ عليه شكلاً ومضموناً، فتح المجال واسعاً أمام مرحلة سياسية جديدة، مختلفة كليّاً عن المشهد الذي طبع الحياة السياسية في لبنان منذ عام 2005.

هذه المرحلة السّياسية الجديدة تتبدى أبرز ملامحها في النقاط التالية:

أولاً: تدخل الطائفة الشيعية إلى المجلس النيابي الجديد موحدة بالكامل، بعدما استطاع الثنائي الشيعي المتمثل بحركة أمل وحزب الله الفوز بـ26 مقعد نيابي من أصل 27، علماً أن المقعد الأخير يدور في فلكهما، على عكس إنتخابات عامي 2005 و2009، عندما فاز ثلاثة نواب شيعة من خارج الثنائي الشيعي، ما دفع حينها بعض الأصوات المعترضة على استمرار برّي بترؤس المجلس النيابي بالتلويح بانتخاب غيره من بين النواب الثلاثة، عقاب صقر وغازي يوسف وعباس هاشم، لكن هذا التلويح سرعان ما طُوي حينذاك، وهو غائب كليّاً اليوم، بعد اصطفاف النواب الشيعة خلف برّي، الأمر الذي لم يجد الرافضون لإنتخابه سبيلاً للتعبير عنه سوى التصويت بورقة بيضاء.

ثانياً: لم يطرأ تغيير كبير على التمثيل المسيحي في المجلس النيابي الجديد من حيث توزّع القوى السياسية، إذ بقي الرباعي المسيحي المتمثل بالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وتيار المردة وحزب الكتائب محافظاً على حضوره، لكنه شهد متغيرات لجهة الأحجام.

فالتيار الوطني الوطني الحر حافظ تقريباً على حجمه عددياً، مع تسجيل “إنجاز” تمثل بنجاح رئيسه جبران باسيل في محاولته الثالثة في الإنتخابات، بعد محاولتين سابقتين باءتا بالفشل. أما القوات اللبنانية فكانت أبرز المستفيدين من نتائج الإنتخابات التي رفعت حصتها من 9 نواب في إنتخابات 2009 إلى 15 نائب حالياً، كما سجل تقدم نسبي لتيار المردة، مقابل تراجع حزب الكتائب من خمسة نواب إلى ثلاثة، بينما كان المستقلون المسيحيون الخاسر الأكبر، والذي كان أبرز وجوههم الغائبة عن المجلس النيابي الجديد بطرس حرب وروبير غانم.

ثالثاً: بقي التمثيل النيابي الدرزي محافظاً على وضعيته السابقة، إذ إستمر الحزب التقدمي الإشتراكي برئاسة وليد جنبلاط قابضاً على أغلب المقاعد الدرزية وعلى حلفاء له في دوائر عالية والشوف وراشيا، وفي فوز طلال إرسلان، ليحافظ على الحد الأدنى من توازن الثنائية الدرزية، من غير أن يتمكن وئام وهاب من كسر هذه الثنائية بالرغم من محاولته ذلك، مع تسجيل تراجع عدد النواب المسيحيين الذي كان جنبلاط يضيفهم إلى كتلته النيابية في كل إنتخابات.

رابعاً: ما ينطبق على التمثيل النيابي الدرزي إنطبق أيضاً على التمثيل النيابي الأرمني، إذ بقي حزب الطاشناق قابضاً على الشارع الأرمني، من غير أن يؤثر فيه إنتساب عدد من النواب الأرمن إلى تيار المستقبل أو التيار الوطني الحرّ أو القوات اللبنانية.

خامساً: خرج التمثيل النيابي العلوي لأول مرة، منذ عام 2005، من تحت عباءة تيار المستقبل. فبعدما كان نائبا الطائفة العلوية، خضر حبيب والراحل بدر ونوس، منتميان إلى كتلة التيار الأزرق، تبوأ مقعد طرابلس علي درويش المنتسب لكتلة تيار العزم، ومقعد عكار مصطفى علي حسين المتحالف مع التيار الوطني الحر.

سادساً: التحوّل الأبرز نيابياً شهدته الساحة السنّية. فبعدما كان تيار المستقبل مهيمناً على تمثيلها نيابياً في إنتخابات 2005، بحصوله على 24 نائب سنّي من أصل 27، تراجع العدد إلى 20 في إنتخابات 2009، قبل أن يشهد إنخفاضاً دراماتيكياً خلال الإنتخابات الأخيرة بانخفاض العدد إلى 17، وهو مرشح للإنخفاض أكثر إذا قُدّر للطعن الذي سيقدمه طه ناجي عن دائرة الشمال الثانية أن يؤخذ بالإعتبار، يضاف إلى ذلك نواب، في البقاع وعكار، موجودين على شكل “ودائع” سورية ضمن كتلة التيار الأزرق.

وفي حين شهد التمثيل النيابي السنّي خلط أوراق ورد اعتبار أفرز توازناً سياسياً جديداً، مع عودة أو محافظة وجوه سنّية لها حضورها القوي في ساحتها مناطقياً، أمثال الرئيس نجيب ميقاتي وفيصل كرامي وجهاد الصمد وأسامة سعد وعبد الرحيم مراد وفؤاد مخزومي وعدنان طرابلسي والوليد سكرية وقاسم هاشم وبلال عبد الله، فإن الإنتخابات النيابية الأخيرة أقصت وجوهاً وقوى سنّية بارزة، مثل فؤاد السنيورة وأحمد فتفت وخالد ضاهر ومحمد قباني وجمال الجراح والجماعة الإسلامية.

Post Author: SafirAlChamal