الاعلانات التلفزيونية في رمضان: الملايين للفضائيات.. والضغط والسكري للمشاهد… بشرى تاج الدين

يُعرض في شهر رمضان الكثير من المسلسلات العربية، منها المصرية واللبنانية والسورية، التي اعتاد عليها المشاهد كل عام، والتي ينتظرها، لا سيما في فترة ما بعد الافطار، ولكن من الملاحظ كثرة الانتقادات للقنوات الفضائية، التي كان لها النصيب الأكبر من السخرية على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث  أصبحت المادة الإعلانية هي الأكثر حضوراً على القنوات التلفزيونية، لدرجة أنها طغت على المسلسلات والبرامج المختلفة، وباتت بمثابة المادة الأساسية للعرض فيما تحولت البرامج الأخرى إلى مادة هامشية.

 الهجوم الكاسح لهذه الإعلانات على شاشة رمضان ليس بأمر جديد أو غريب، بل حدث اعتاد عليه المشاهد العربي كلّ عام وتقبله على مضض، إلا أنه تخطى الحدود بشكل كبير ومبالغ فيه جداً، لدرجة انه يفسد على المشاهد الاستمتاع بمسلسل او ببرنامج تلفزيوني فني أو سياسي، وخاصة البرامج الدينية والتي طالتها هي الأخرى موجة الإعلانات بشكل فاق الحدّ الطبيعي، حيث أصبح الاعلان اليوم هو المادة الأساسية، أما المسلسل فأمر ثانوي، وبتنا نشاهد بين كلّ فاصل إعلاني وآخر، فاصلا إعلانيا.

نعتذر منك يا “زعيم”

فعلى سبيل المثال، مسلسل “عوالم خفية” للزعيم عادل الامام، الذي يعرض حصريا على شاشة التلفزيون السعودي، وفقًا للاتفاقية التي أبرمها مع الشركة المنتجة، ونصت هذه الاتفاقية على السماح لفضائية مصرية وحيدة بعرضه، وهي قناة cbc الفضائية، لتكون القناة الوحيدة التي تقدم “عوالم خفية” داخل مصر على شاشاتها، وذلك بعد احتكار قناة MBC لأعمال الزعيم على مدار الـ5 سنوات الماضية بداية من “فرقة ناجى عطالله”، وحتى مسلسل “عفاريت عدلى علام”، لتحظى بأكبر حصيلة من الإعلانات والمتابعات والمشاهدات سواء على شاشتها أو على قناتها الرسمية بموقع “يوتيوب”، نظرًا للشعبية الكبيرة التي يتمتع بها الزعيم، إذ يمثل كنزا للقنوات الفضائية من أجل تحقيق هذه المعادلة الصعبة.

ولكن لسوء الحظ، استاء المشاهدون، وعلت صرخاتهم من الحلقة الاولى، بسبب المدة الزمنية لعرض المسلسل، حيث بدأ عرضه عند الساعة الثامنة مساءا بتوقيت القاهرة وإستمر لغاية الساعة العاشرة، لما تحتويه من مواد اعلانية تخطت كل الحدود (نصف ساعة المسلسل وساعة ونصف الساعة الاعلانات)، وانهالت الانتقادات السلبية على مواقع التواصل، ولا سيما من عشاق الفنان عادل امام، واهمها الاعتذار للزعيم على عدم متابعة المسلسل هذا العام.

من البديهي، أن هدف الفضائيات هو جمع الملايين من وراء هذه الإعلانات، لكن دون مراعاة لمشاعر ولنفسية المشاهد، الذي أصيب بإحباط وارتفاع الضغط والسكري، وهو ينتظر انتهاء الفواصل الإعلانية من المسلسلات الرمضانية.

والواضح أن الإعلانات التلفزيونية تسجل اكبر نسبة نمو خلال شهر رمضان، حيث يساهم الإنتاج الفني الغزير في ارتفاع نسبة المشاهدة، ما يحفز المعلنين على رفع ميزانياتهم. وتخوض اتحاد النقابات الفنية معركة كبيرة، برئاسة المخرج عمر عبدالعزيز، ضد القنوات الفضائية، لمنع إذاعة الإعلانات أثناء عرض العمل الدرامى، حيث وجه الاتحاد والجمعية إنذاراً رسمياً لعدد من الفضائيات استعداداً لمقاضاة أي قناة تحاول ما أسموه بتشويه “العمل الفنى وتدميره”، حيث اعتبروا فى الإنذار الموجه أن الفقرة الإعلانية بين الفواصل الدرامية تحول المشاهد من التركيز فى الخط الدرامى إلى الإعلانى، وهو ما يعد فى صحيح القانون تحريفا وتشويها للعمل الدرامى، ويمثل اعتداء كبيرا على حقوق مؤلفى الدراما وكتاب السيناريو والحوار.

لكن يبدو واضحا أن هذه القنوات لم تلتزم، وربما لم تسمع بهذا الانذار، لما تدره الاعلانات عليها من أرباح طائلة، في حين يبقى السؤال: كيف سيكون الحال في رمضان 2019، وهل سيكتفي المشاهد العربي بمشاهدة الاعلانات فقط؟.

Post Author: SafirAlChamal