طرابلس: هل يدافع رجال الدين عن لقمة الفقراء كما دافعوا عن المرشحين؟… عمر ابراهيم

بين ليلة وضحاها انقلب المشهد في طرابلس من ساحة معركة انتخابية حامية الوطيس اخرج فيها بعض السياسيين ورجال الدين مكنونات ما تختزنه نفوسهم من بغضاء سياسية، الى فسحة ايمانية تسودها اجواء المودة والمحبة بدأت ملامحها ترتسم بالزينة الرمضانية في الساحات العامة والطرقات الرئيسية، وببعض البيانات التي تذكر بفضائل شهر رمضان ومكارم الاخلاق والوحدة ورص الصفوف والحفاظ على العادات والتقاليد.

ربما كانت اجواء الانتخابات في طرابلس صورة مشابهة عن سائر المناطق اللبنانية التي اشتعلت الارض فيها تحت اقدام قاطنيها وكأن القيامة اقتربت، وان كان من ايجابية ما، فان الامور لم تصل الى اراقة الدماء في شوارع المدينة التي انقسمت بين ثمانية افرقاء، بعضهم لم يتوان عن شيطنة خصمه والدعوة الى طرده وتخوينه والتهجم عليه بالفاظ بعيدة عن ادبيات التخاطب السياسي، بعد ان استخدم كل الاسلحة بما فيها السلطة وتلك المحرمة شرعا لجهة قيام بعض كبار رجال الدين بتحويل منابر رسول الله في طرابلس والمنية وعكار والضنية ودار الفتوى في بيروت الى منصات انتخابية تدعو لهذا المرشح وتحرض على ذاك.

يمكن القول ان بدء التحضير لشهر رمضان في المدينة التي اعتادت ان تحتفل بقدومه وتواكب يومياته على طريقتها الخاصة بعد ان تحولت الى علامة فارقة بين المدن اللبنانية في هذا الشهر نظرا لما يقام فيها من نشاطات دينية وتراثية، كل هذا لا يخفي جانبا اخر بدأ يؤرق ابناء طرابلس ومعهم في طبيعة الحال سكان القرى المحيطة في اقضية المنية والضنية ومحافظة عكار، من الاعباء المالية المتوجبة نتيجة الوضع الاقتصادي الذي لم ينعشه موسم الانتخابات بالشكل المطلوب او ربما ضاعت الاموال المرصودة له في جيوب بعض المحسوبين ولعل حملات التطهير التي يقوم بها ″المستقبل″ وتطال بعض منسقياته خير دليل على ما يتردد من وجود اختلاسات مالية كان من المفترض ان تصل الى جيوب المندوبين من فقراء الحال.

لعل البعض كان يُمنّي نفسه بمبلغ مالي من الانتخابات يكفيه ذل السؤال في شهر رمضان والحاجة الى طرق ابواب المحسنين، لكن خيبة الامل كانت واضحة، فالشهر أصبح على الابواب وجيوب هؤلاء اما خاوية او ان ما فيها من اموال لا يكفي لسد احتياجات الشهر بأكمله، فبدأت الصرخة تعلو عند الكثيرين ممن ينتظرون النواب المنتخبين علهم ينظرون الى حالهم، وان كانت المؤشرات الميدانية تشير الى أن معظم الفائزين سيكتفون بما دفعوه خلال الانتخابات لمناصريهم، ويتركون “الشقى على من بقى”، معولين على بعض الجمعيات التي تملك مؤسسات دائمة في المدينة وتعمد سنويا الى توزيع حصص غذائية وتقديم البسة ومعونات ووجبات إفطار يومية، وفي مقدمها جميعة العزم والسعادة الاجتماعية، فضلا عن التعويل على بعض المؤسسات التي تعتمد على الدول الخليجية وعلى زكاة المحسنين.

وبعيدا عن الوضع الاقتصادي وهمومه التي ترخي بثقلها على المواطنين، يبدو ان هناك مسألة اخرى لا تقل اهمية، لجهة النظرة الى بعض رجال الدين ممن كانوا يتقدمون الصفوف دفاعا عن المرشحين ويعتلون السيارات والمنابر، في أن يعملوا بنفس الحماسة على مساعدة المواطنين والدفاع عن لقمة عيشهم والسعي لتأمين الحاجيات الضرورية لهم، علهم بذلك يمحون تلك الصورة التي ارتسمت في اذهان الناس حيال بعض من تركوا مهامهم الدينية وواجباتهم تجاه الرعية، وهم اليوم يعودون لممارسة وظيفتهم في وعظ المؤمنين وارشادهم.

Post Author: SafirAlChamal