الرواية الكاملة لـ ″خيانة″ جهاد يوسف للائحة العزم… غسان ريفي

أسدل الستار على الانتخابات النيابية، فاز من فاز، وخسر من خسر، لكن ثمة مرشح واحد في لبنان يُجمع كثير من المواطنين ومن الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي على أنه سقط بالضربة القاضية، هو المرشح عن المقعد السني في الضنية الدكتور جهاد يوسف الذي إنقلب على ″لائحة العزم″ قبل ساعات قليلة من فتح صناديق الاقتراع بإغراءات قدمها له تيار المستقبل، وقام بتجيير الجهد الانتخابي الذي بذله “تيار العزم” في الضنية على مدار شهرين لخصومه في ″تيار المستقبل″، وذلك في سابقة بعيدة كل البعد عن أخلاق وأدبيات العمل السياسي والتحالف الانتخابي، لم يشهد لبنان مثيلا لها في تاريخه.

لا شك في أن ″تيار العزم″ تلقف ″خيانة″ جهاد يوسف، وإستوعبها بشكل سريع، لا سيما على صعيد إعادة رفع معنويات ماكينته الانتخابية وأنصاره في طرابلس والضنية، لكنه لم يفلح في الحد من تشتيت الأصوات الكثيرة التي كانت يجب أن تصب له في تلك المنطقة، والتي ذهبت بمجملها الى المرشح سامي فتفت الذي أقام والده أحمد فتفت إحتفالا ليليا بانشقاق يوسف عن ″لائحة العزم″ مباركا ″خيانته″ للرئيس نجيب ميقاتي.

بدا واضحا أن الصدمة التي أحدثها يوسف، دفعت كثير من الناخبين لا سيما في بلدة قرصيتا الى الاحجام عن الاقتراع (سجل غياب نحو ألف شخص) في حين أعطى مناصرو يوسف أصواتهم الى المرشح سامي فتفت، وأعطى ناخبون آخرون أصواتهم الى الدكتور قاسم عبدالعزيز نكاية بفتفت، بينما دفعت هذه “الخيانة” كثير من الناخبين المستقلين الذين كانوا يميلون للتصويت الى لائحة العزم، الى إعطاء أصواتهم الى المرشح جهاد الصمد خوفا من أن يؤدي إنشقاق يوسف الى فوز مرشحين للمستقبل في الضنية، لذلك فقد حصل الصمد على 11897 صوتا، في حين أن كل الاحصاءات كانت تشير الى أنه سينال نحو عشرة ألاف صوت في حال بلغ عدد المقترعين 38 ألف ناخب، لكن عدد المقترعين تدنى الى 33 ألفا، ومع ذلك نال الصمد 11897 صوتا.

ماذا حصل في ليلة الانتخابات في الضنية؟

يقول كثير من المطلعين ومنهم من كشف ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي: إن المرشح جهاد يوسف كان كثير الطلبات التي كان يحاول تيار العزم تأمينها له، لا سيما على صعيد إعداد الماكينة الانتخابية وتأمين الخدمات لكثير من الناخبين، وهو لم يُظهر أي إمتعاض، بل على العكس فقد كان أكثر مرشح في اللائحة يهاجم تيار المستقبل، وصولا الى دعوته الرئيس نجيب ميقاتي في مهرجان قرصيتا الى إنقاذ الضنية من الوصاية الزرقاء، وقد أكد ذلك في المهرجان المركزي في طرابلس حيث كان أعنف الخطباء بين المرشحين تجاه المستقبل. ويضيف هؤلاء: مساء يوم السبت أي قبل نحو 12 ساعة على فتح صناديق الاقتراع، إتصل يوسف بأحد كوادر العزم وأبلغه بأنه لديه طلبات يريد تأمينها على وجه السرعة، ولدى الاستفسار عن هذه الطلبات، كانت المفاجأة، حيث طلب يوسف  مبلغ 500 مليون ليرة لبنانية، إضافة الى 300 ألف دولار أميركي لاقامة مشروع في بلدته، فكان الرد بأن هذه الأمور يمكن البحث فيها بعد اليوم الانتخابي، لكن يوسف أصرّ وأكد بأنه في حال لم يكن المبلغ لديه خلال فترة ساعة من الزمن، فإنه سيكون له تصرف آخر ملمحا الى إغراءات كثيرة عرضت عليه من تيار المستقبل.

وبحسب المطلعين، سارع عدد من مسؤولي العزم الى منزل يوسف في طرابلس للاستفسار عما يجري وجها لوجه، فلمسوا إصرارا منه على موقفه، وهم حاولوا إقناعه بتأجيل هذا الأمر الى ما بعد اليوم الانتخابي، مؤكدين أنهم وفروا له كل الطلبات المتعلقة بالماكينة الانتخابية وتجهيزاتها، وأن موضوع المبلغ المالي المطلوب لا يمكن بحثه اليوم وقبل ساعات من إنطلاق العملية الانتخابية، فوافق يوسف على مضض، ليغادر كوادر العزم منزله

ويقول المطلعون: بدا أن موافقة يوسف كانت شكلية لطمأنة كوادر العزم، حيث غادر طرابلس بعدما أرسل له تيار المستقبل مواكبة أمنية، متوجها الى بيت الوسط في بيروت حيث إلتقى الرئيس سعد الحريري وإلتقط معه صورة تم نشرها مع خبر إنشقاقه على أحد المواقع الالكترونية، ثم عاد أدراجه ليقدم مبررات لم تقنع أحدا، خصوصا أن كثيرا من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي كتبوا كما تردد ذلك في كثير من بلدات الضنية، بأن يوسف خان لائحة العزم مقابل مبلغ من المال وصل الى حدود المليون دولار، وأن يوسف كان قد إتخذ قراره بالانشقاق مسبقا، وهو طلب المبلغ المالي من تيار العزم ليجد حجة أو سببا للقيام بهذه الخطوة.

خيانة يوسف وبالرغم من مرور إسبوع على الانتخابات ما تزال تتفاعل، في صفوف أنصار تيار العزم وغيرهم من المواطنين الذين يشتعلون غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دعا كثيرون الى “طرد جهاد يوسف من طرابلس ومن المستسفى النيني التي يعمل فيها طبيبا للانعاش، مؤكدين بأن من يخون بهذه الطريقة، ليس أهلا لأن يتحمل مسؤولية أي مريض، كما طالب البعض يوسف برد المبالغ المالية التي قبضها من أجل تشكيل الماكينة الانتخابية التي تم تجييرها لمصلحة خصوم العزم في الضنية، ورأى البعض الآخر أن تيار المستقبل شجع في هذه الانتخابات على ثقافة الخيانة حيث خان النائب كاظم الخير في المنية بداية، وأغرى جهاد يوسف لكي يخون لائحة العزم ليلة الانتخابات.

Post Author: SafirAlChamal