قراءة في مهرجان العزم: ميقاتي يرسم السقوف.. ويرفع البطاقة الحمراء… غسان ريفي

طغى المهرجان الجماهيري الاستثنائي للائحة العزم في طرابلس على مجمل الحركة السياسية والانتخابية في المدينة على مسافة أيام قليلة من الاستحقاق، فكان حديث الطرابلسيين الذين لم يشهدوا مهرجانا بضخامته لا من حيث الحضور الحاشد الذي فاق كل التوقعات، ولا من حيث الشكل والتنظيم اللذين كانا على مستوى راق.

ثلاثة أمور لا بدّ من قراءتها في المهرجان الانتخابي المركزي لتيار العزم، هي: الحضور الحاشد ورمزيته وتأثيره الايجابي على ″لائحة العزم″ ورئيسها، الخطاب الذي ألقاه الرئيس نجيب ميقاتي والذي لامس فيه عقول وقلوب المحتشدين، وردات الفعل الغاضبة على المهرجان لا سيما من قبل أنصار ″تيار المستقبل″ والفبركات التي تم إنتاجها حوله.

لا شك في أن الحشود الشعبية الهائلة التي شاركت في المهرجان، كانت بمثابة ردات فعل طرابلسية غاضبة على حرمان المدينة وإهمالها وتهميشها في شتى المجالات، ومصادرة قرارها السياسي، وهي جاءت لتؤسس لمرحلة جديدة من المفترض أن تستعيد فيها طرابلس قرارها وحضورها، ومرجعيتها السياسية القادرة على حمايتها وإنتزاع حقوقها، لا سيما بعدما لبى الرئيس نجيب ميقاتي رغبة السواد الأعظم في المدينة بتشكيل لائحة مستقلة من نسيج طرابلس تحمل نبض شعبها وعصب أهلها، فجاء الاحتضان الشعبي لهذه للائحة العزم على مستوى هذا الحدث الذي من المفترض أن يترجم يوم الأحد المقبل في صناديق الاقتراع.

يمكن القول أن الحشد الاستثنائي في المهرجان المركزي للائحة العزم، قد ضاعف من مسؤوليات الرئيس ميقاتي الذي حصل على مبايعة طرابلسية جدية بنكهة الزعامة، لم تشهد الفيحاء مثيلا لها منذ زمن طويل جدا، في حين أكد ميقاتي أنه قدّها وقدود، وأن كتفه عريض وقادر على التحمل، خصوصا أنه لم يسبق أن قصّر في حق طرابلس وأهلها لا على الصعيد السياسي لجهة الحفاظ على الثوابت السنية والوطنية، ولا في الانماء وتقديم سيل من الخدمات في شتى المجالات وعلى مدار العام، ومضاعفة ذلك في شهر رمضان المبارك.

أما الخطاب الذي ألقاه ميقاتي فشكل خارطة طريق للمرحلة المقبلة سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد المحلي، حيث رسم سقفا لرؤساء الحكومات بأن لا تفريط في أية صلاحيات أو تهاون في هيبة ورمزية الموقع السني الأول، كما رسم سقفا لكل اللبنانيين بأنه ممنوع التعرض لمقام رئاسة الحكومة أيا يكن رئيس الحكومة.

كما وضع ميقاتي النقاط على الحروف أمام الرئيس سعد الحريري لجهة علاقته في طرابلس التي ينساها ويضعها في جيبه عندما يكون في الحكم، ويستخدمها ويحرقها عندما يكون خارج الحكم وفق قاعدة أنا أو لا أحد، موجها رسالة الى الجميع بمن فيهم الحريري وغيره بأن طرابلس خط أحمر، وأنها سيكون لها بعد الانتخابات كتلة نيابية وازنة ستكون قادرة على التحدث باسمها والدفاع عنها.

تحدث ميقاتي من قلب مجروح عن طرابلس، فنجح في التفاعل مع المحتشدين الذين يرفضون هذا الواقع الذي يعيشونه ويبدو من خلال مشاركتهم وحماسهم أنهم قد إتخذوا قرارا بتغييره، والتطلع مع إبن مدينتهم نجيب ميقاتي الى أن تكون طرابلس لؤلؤة المتوسط في الجمهورية اللبنانية، لكن ميقاتي القوي بجمهوره وبالأرضية الشعبية الصلبة التي يقف عليها اليوم، وضع حدا للحكومة والدولة والمؤسسات مجتمعة، رافعا البطاقة الحمراء في وجه أي إهمال أو تهميش أو لامبالاة أو تعاطي سلبي مع مدينته وأهلها، وفي وجه كل من يريد إستخدام طرابلس لمآرب شخصية، مشددا على أن “كرامة الطرابلسيين حق، ومشاريعهم حق، ووظائفهم حق، وإنماء مدينتهم حق”.

يشير مراقبون الى أن كل من شاهد نجيب ميقاتي يتحدث في المهرجان سواء بالمباشر أو عبر شاشات التلفزة، شعر بمقدار الحب الذي يختزنه لمدينته، وكأنه أب لكل الطرابلسيين بدون إستثناء، وشعر بالمسؤولية التي يحملها تجاههم من خلال مؤسساته وقطاعاته المختلفة، وشعر أيضا بأن طرابلس قبل الانتخابات لن تكون كما بعدها في حال حصل ميقاتي على كتلة نيابية وازنة، خصوصا أن التناغم الواضح على كل أعضاء اللائحة، وعدم وجود أي صراع بينهم على الصوت التفضيلي من شأنه أن ينتج كتلة منسجمة في أفكارها وتطلعاتها ستكون سندا وعضدا لطرابلس وأبنائها.

أما ردات فعل أنصار تيار المستقبل حول المهرجان الذي أربكهم وأربك كثيرين غيرهم، إن لجهة التشكيك في عدد المشاركين، أو لجهة الفيديوهات التي جرى بثها على مواقع التواصل الاجتماعي عن شخص أو أكثر شاركوا لقاء بدل مالي، فإن ثمة شبه إجماع طرابلسي على أن أي تشكيك يبقى تافها وسخيفا، خصوصا أن الفبركات التي حاولوا ترويجها كانت مفضوحة وكشفت نفسها بنفسها، حيث يقول أحد القيادات الطرابلسية: إن الزحف البشري الى باحة المهرجان في المعرض كان مدويا ومرعبا، وهو أكبر بكثير من أن تنال منه أي جهة أو أن تشكك به، لأن من له عينان فقد رأى ومن له أذنان فقد سمع.

مواضيع ذات صلة:

  1. الضنية تهتف لميقاتي: أخرجنا من القمقم السياسي… غسان ريفي

  2. قلق أزرق من لائحة العزم.. والفبركات تفشل في إستهدافها… غسان ريفي

  3. ميقاتي يسحب البساط من تحت أقدام الحريري.. ويواجه بـ″لائحة العزم″… غسان ريفي

Post Author: SafirAlChamal