ميقاتي يعطي الحريري درسا في أدبيات السياسة

خاص ـ سفير الشمال

لا يختلف إثنان على أن الرئيس نجيب ميقاتي كان بوسعه أن يستخدم الحشد الجماهيري الهائل والاستثنائي الذي لبى دعوته أمس  الى المهرجان المركزي للائحة العزم، وأن يفتح دفاتر الرئيس سعد الحريري تمهيدا لاستهدافه والاساءة إليه، خصوصا أن بيت الحريري اليوم من زجاج، لكنه يصرّ على أن يراشق الناس بالحجارة.

يدرك الجميع بأن أجواء المهرجان كانت ملائمة، وأن الجمهور الطرابلسي كان حاضرا للتفاعل مع أي تحريض على الرئيس الحريري، وهو عبر أكثر من مرة عن إستيائه عندما ذُكر إسمه، لكن الرئيس ميقاتي سارع وبشكل حاسم وحازم الى وقف أي تصرف من شأنه أن يسيء الى رئيس الحكومة أو الى أي مقام سني، لا بل وصل الأمر الى قيام ميقاتي بالتصفيق للحريري والطلب من الجمهور أن يصفقوا له كونه رئيس حكومة لبنان.

سلوك ميقاتي كان تجسيدا لنهج تيار العزم الذي دائما ما يرد الاساءة بالاحسان، وكان بمثابة درس قاس للحريري الذي من المفترض أن يشكل له صدمة إيجابية تدفعه الى إعادة صياغة تعاطيه السياسي مع الخصوم والحلفاء.

في الوقت الذي رفض فيه الرئيس ميقاتي توجيه أي إساءة الى الرئيس الحريري، كونه رئيسا للحكومة ويمثل الموقع السني الأول في لبنان، أيقن أبناء طرابلس والمنية والضنية أكثر فأكثر أن ميقاتي لا يمثل قيمة سياسية ووطنية وإنسانية فحسب، بل هو قيمة أخلاقية يفترض بالحريري وكثير من القيادات اللبنانية أن يتمثلوا بها، خصوصا بعدما تذكر هؤلاء يوم الغضب الذي إجتاح فيه المخربون طرابلس بدعوة من تيار الحريري إحتجاجا على تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة، ويوم الهجوم المشؤوم على السراي الحكومي من قبل أنصار تيار المستقبل بدون إقامة أي وزن أو إعتبار للرمزية السنية التي تشكلها، إضافة الى تنازلات الحريري السياسية وتخليه عن الصلاحيات والتفريط بالحقوق، وصولا الى الاساءات والاتهامات التي وجهها الى ميقاتي خلال زياراته الانتخابية الى طرابلس والمنية والضنية.

كل ذلك كان بوسع الرئيس ميقاتي أن يرد فيه الصاع صاعين، وأن يؤسس لحالة غضب شمالية لا تنتهي على الحريري، وهو كان قادرا على ذلك خصوصا أن الأرضية كانت جاهزة، لكنه آثر الحفاظ على هيبة الموقع السني الأول في لبنان، وعلى مقام رئاسة الحكومة، بعدم التعرض لمن يشغله، ومنع أي كان من التعرض له، الأمر الذي يجسد سلوك رجل الدولة، والزعيم الخائف على طائفته وأهلها بغض النظر عن تصفية أية حسابات.

كثير من المشاركين في مهرجان لائحة العزم، رأوا بعد إنتهاء ميقاتي من إلقاء كلمته، أنه حبذا لو يتمثل الحريري بميقاتي ويتعلم منه كيف يحيّد الخلاف السياسي عن الافتراءات والاتهامات والاساءات الشخصية، مؤكدين أن مهرجان لائحة العزم، وكلمة ميقاتي الوطنية الجامعة، وتعاطيه الراقي مع الحريري، كل ذلك من شأنه أن يفتح له أبواب الزعامة السنية على المستوى اللبناني.     

مواضيع ذات صلة:

Post Author: SafirAlChamal