هل يحق للحريري إستخدام رجال الدين في حملته الانتخابية؟… غسان ريفي

مشهدان ميّزا نهاية الاسبوع في طرابلس، المشهد الأول نقله أحد مشايخ دار الفتوى الذي كشف عن لقاء عقده الرئيس نجيب ميقاتي في دارته مع نحو مئة شيخ وإمام مسجد للتداول في شؤون الطائفة والحرمان الذي تواجهه، والبحث في قضية التعليم الديني في المدارس وضرورة إنصاف مدرسي الفتوى، وذلك بعيدا عن وسائل الاعلام منعا لأي استغلال إنتخابي.

والمشهد الثاني، وهو مشهد المفتي مالك الشعار وهو يكيل المديح والثناء شعرا ونثرا للرئيس سعد الحريري من على منبر الجامع المنصوري الكبير في خطبة الجمعة، وصولا الى تأكيده بأن ″ثواب ما يقوم به الحريري أهم وأعظم من ثواب من يطوف حول الكعبة″، ثم مرافقته الى عشاء إجتماعي مختلط نساء ورجالا ليكمل فيه الشعار ما بدأه على ″منبر رسول الله″ من المدح والاشادة والتبجيل الذي لا يليق برجل دين فكيف بمفتي المسلمين.

لا ينتهي المشهد عند هذا الحد، بل هو إستكمل بعدد من المشايخ الذين إنتظروا وصول الحريري في الشارع وتحت أشعة الشمس مع عدد من المواطنين وتعرضوا معهم لـ”تدفيش” القوى الأمنية لا سيما في المنية بما أفقد مراكزهم وقارها، وهم سارعوا الى إلقاء الكلمات وإعلان الولاء له والاشادة به، وكان سبق ذلك في البقاع حيث تسلق أحد المشايخ بعباءته وعمامته لسيارة الرئيس الحريري الذي كان جالسا على ظهرها، ليلقي كلمات الاشادة به.

يقول بعض المتابعين: حبذا لو يقوم الرئيس الحريري بتحييد المفتين والمشايخ عن حملاته الانتخابية، وعن إستغلال لباسهم الديني وعماماتهم في كثير من المحطات الشعبية التي يزورها، خصوصا أن لهذه المقامات هيبة ووقار ورمزية إسلامية، يعمل الحريري من خلال سلوكه عن قصد أو عن غير قصد على ضربها والاساءة إليها، فالمشايخ مكانهم في حلقات العلم ودور العبادة وليس في الشارع ومع المواطنين وفي اللقاءات الانتخابية، والمفتي مكانه في دار الفتوى معززا مكرما، يزار ولا يزور، يؤتى إليه ولا يأتي الى أحد، لا أن يكون مفتيا للسلطان، أو ماكينة إنتخابية تعمل على الترويج لحملة هذا المرشح أو ذاك، ومن على منبر رسول الله، أو أن يكون خطيب مناسبات إجتماعية لترويج حملة سياسية وإنتخابية لهذا المسؤول أو ذاك..

يأخذ كثير من قيادات الطائفة السنية على الرئيس الحريري “تنازلاته السياسية غير المسبوقة والتي أفقدته الكثير من شعبيته، وتخليه عن الثوابت والمبادئ التي ورثها عن أبيه الشهيد رفيق الحريري للوصول الى الحكم والاستمرار فيه، وتهاونه في الحفاظ على موقع وهبية وصلاحيات رئاسة الحكومة، وعدم إعطاء موقع رئاسة الحكومة حقه في كثير من التصرفات، لا سيما السيلفي التي بات يتندر فيها كثيرون بهدف الاساءة لرئيس الحكومة، وإضافة الى تسلقه خلال جولاته الانتخابية ظهر السيارة، وغيرها من التصرفات التي لا تليق برئيس حكومة لبنان أو بموقع الكرسي الثالثة.

وترى بعض الأوساط السنية أنهلا يحق للرئيس الحريري أن يقوم بأي عمل من شأنه أن يؤدي الى إضعاف الطائفة السنية في لبنان، كما لا يحق له إستخدام دار الفتوى والمفتين ورجال الدين في أي إستحقاق سياسي أو إنتخابي.

وتؤكد هذه الأوساط أن دار الفتوى ومشايخها وعلماؤها هم الحاضنة للبنانيين عموما وللمسلمين بشكل خاص، ويجب إحترام إستقلاليتهم ليكونوا على مسافة واحدة من الجميع، وبالتالي فإن تحويلهم الى طرف سياسي وإستخدامهم في إلقاء خطب التبجيل والتأييد والاشادة، من شأنه أن يضرب آخر حصن للسنة في لبنان، وبالتالي على الحريري أن يتحمل مسؤولية ذلك، وأن يحذو حذو الرئيس نجيب ميقاتي الذي يتعاطى مع المشايخ والعلماء وحفظة القرآن الكريم بكل وقار وإحترام، ويبعد لقاءاته معهم عن وسائل الاعلام.

مواضيع ذات صلة:

 

Post Author: SafirAlChamal