ليس بـ″السيلفي″ وحدها تحيا طرابلس… غسان ريفي

شكلت الكلمات التي ألقاها الرئيس سعد الحريري في المناطق الطرابلسية خلال الزيارة الانتخابية التي قام بها أمس لتسويق مرشحي لائحته، خيبة أمل كبيرة لكثير من أبناء المدينة الذين كانوا ينتظرون من رئيس الحكومة أن يعلن على الأقل عن برنامج ″المستقبل″ الانتخابي، وعن نظرته الانمائية لطرابلس، أو أن يحدد موعدا لجلسة مجلس الوزراء المنتظرة فيها لاقرار المشاريع التي تحتاجها.

الحريري إجتاح المدينة بأجهزة السلطة والعسكر، وقطع طرقاتها وأقفل كل الأمكنة المدرجة ضمن زيارته، وحبس كثيرا من المواطنين في منازلهم، ولم تخل تحركاته من إشكالات بين الجمهور ما يدل على أن لا شيء يجمع بينهم، ما دفع البعض الى التساؤل على مواقع التواصل الاجتماعي: ″لماذا يزورنا الحريري في طرابلس إذا كان خائف على حياته منا؟″.

أما الكلمات التي ألقاها في أكثر من محطة، فقد جاءت فارغة المبنى والمعنى، وهي لم ترتق الى وجع الطرابلسيين، حيث إقتصرت فقط على عواطف ووجدانيات وإستذكار لدماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الأمر الذي إعتاد عليه أبناء الفيحاء ولم يعد يحرك ساكنا أو يجدي نفعا لديهم، في ظل تنامي الأزمات التي تعيشها المدينة على كل صعيد، في حين إستبشر بعض الطرابلسيين خيرا بوعد الرئيس الحريري بأن يلتقط صورة ″سيلفي″ معهم بعد إنتخابات السادس من أيار، وفي حال كان الفوز حليف لائحة ″الخرزة الزرقاء″.

لا شك في أن ″وعد السيلفي″ أدى الى حالة أستياء عارمة في صفوف أبناء المدينة، الذين رفضوا إستخفاف الرئيس الحريري بوجعهم ومعاناتهم وأزماتهم التي يعلمها أكثر من غيره، ليعدهم بالسيلفي بدل الانماء والتنمية وفرص العمل.

وتقول مصادر طرابلسية، من الواضح أن الحريري جاء الى طرابلس ليبيع أهلها كلاما عشية الانتخابات بهدف الحصول على أصواتهم، فالوعود هي نفسها منذ العام 2005، والكلمات لم تتغير وهي لا تخلو من بعض التحريض على قيادات المدينة، وكأن الرئيس الحريري لا يريد أن يقدم شيئا لطرابلس، ولا يريد لأحد أن يقدم شيئا لها.

وتضيف هذه المصادر: حبذا لو يجمع الرئيس الحريري فقراء المدينة الذين يعيشون بفضل سياسات ″حكومات المستقبل″ بثلاثة دولارات في اليوم الواحد ويلتقط معهم سيلفي، أو يلتقط السيلفي مع جيش العاطلين عن العمل، أو مع مقابر شهداء التبانة والقبة والمنكوبين الذين سقطوا ضحية مغامراته السياسية والأمنية، أو مع أهالي الموقوفين الاسلاميين الذين شبعوا وعودا حول إقرار قانون العفو العام، أو مع مكب النفايات الذي يقتل الطرابلسيين بالسموم ولا تقيم حكومته له وزنا، أو مع الأوتوستراد الذي مرّ عليه عقد من الزمن ولم يبصر النور بشكل كامل، أو مع مشروع الارث الثقافي الذي تحول كارثة على المدينة القديمة، أو مع معرض رشيد كرامي الدولي المهمش، والمصفاة والسكة الحديد، ومع الوحدات السكنية المدمرة جراء التوترات الأمنية التي شهدتها طرابلس إثر يوم الغضب على فقدانه كرسي الحكم، وغيرها من صور المعاناة والحرمان والاهمال التي ربما لو إلتقط الحريري السيلفي معها لتذكرها في يومياته ولبادر يوما الى الاهتمام بها.

وتتابع المصادر الطرابلسية: إن طرابلس ليست مجرد صندوق بريد إنتخابي للرئيس الحريري، وهي إن غضت الطرف سابقا عن إستخدامه لها كصندوق بريد ناري وأمني، فإنها لن تسمح اليوم بأن يستخدمها من أجل زيادة عدد نوابه، خصوصا أن طرابلس تتطلع في هذه الانتخابات بالذات، الى أن يكون لها قيادة سياسية من نسيجها تهتم بها وتدافع عنها وتفرض مشاريعها، وهذه القيادة ستبصر النور في السابع من أيار، وستترك السيلفي لأصحابها، وستنصرف نحو إنماء وتنمية طرابلس.

مواضيع ذات صلة:

Post Author: SafirAlChamal