كيف سيخرج الموارنة من المعارك الانتخابية؟… مرسال الترس

عندما تأخر إجراء الانتخابات النيابية ثلاث سنوات عن موعدها الطبيعي في ربيع العام 2015 ظن المسيحيون في لبنان ومنهم الموارنة، أن حقوقهم المهدورة من جراء إتفاق الطائف ستعود اليهم كاملة مع ″حبة مسك″ بعد توافق مختلف الاطراف على الساحة اللبنانية على اعتماد القانون النسبي مطعماً بالصوت التفضيلي. من منطلق أن القانون الجديد سيمنح المسيحيين القدرة على إيصال نوابهم بانفسهم، لا أن تتحكم بهم مجموعات الطوائف الاخرى، ابتداء من تيار المستقبل السني في العاصمة بيروت وطرابلس وعكار والبقاعين الاوسط والغربي، الى الحزب التقدمي الاشتراكي الدرزي في دائرة الشوف عاليه، وصولاً الى الثنائي الشيعي في الجنوب والبقاع الشمالي.

لكن بعد ″الفوضى غير الخلاّقة″ الناتجة عن تطبيق القانون الجديد لجهة مصارعة الاخ لاخيه والاب لابنه على الصوت التفضيلي، فان المسيحييين والموارنة تحديداً سيخرجون أكثر الفئات خسارة في لبنان، ليس لأنهم لن يستطيعوا تحسين تمثيلهم بنسبة أفضل من القانون الاكثري، ولكن نتيجة التشرذم الحاد الذي قد يصل أو وصل فعلاً الى حد العداء بين مكونات هذا المجتمع الذي عانى الامرّين من الصراعات الدموية في العقود الخمسة المنصرمة.

وفي نظرة سريعة على المشهد الانتخابي يتوقف المراقبون عند الصور التالية:

خلافات حادة بين التيار الوطني الحر وجميع المكونات الاساسية في المجتمع المسيحي ابتداء من حزب الكتائب مروراً بحزب القوات اللبنانية وتيار المرده وصولاً الى كل الاحزاب الصغيرة كالوطنيين الاحرار والكتلة الوطنية والكتلة الشعبية وآل المر في المتن الشمالي… وهناك عبارة شبه موحدة بين جميع هؤلاء وهي: إن التيار البرتقالي يعمل على إلغائنا او تحجيمنا.

حزب القوات اللبنانية اقترب قليلاً ومصلحياً من الكتائب بعد ان إنكسرت الجرة بينه وبين التيار الوطني الحر، وانفراط عقد اتفاق معراب، في حين لم تتقلص مساحة الخلاف بينه وبين تيار المرده الى حدود التوافق او اللقاء الانتخابي.

التباعد بين تيار المرده وحركة الاستقلال في زغرتا بالرغم من التعويل على التقارب أو التحالف على غرار ما جرى في الانتخابات البلدية.

برج بابل فعلي في مدينة زحلة عاصمة الكثلكة وملحقاتها نتيجة نصب الافخاخ من أجل الحصول على الاصوات التفضيلية في كل حارة ومنزل، ولعل ما شاهده اللبنانيون عبر إحدى الشاشات على ما هو الوضع عليه في عاصمة البقاع أكبر دليل على ما هو حاصل.       

صحيح أن معظم هذه الخلافات ما تزال ضمن الاطار السياسي، ولكن إزاء هذا المشهد المخيف من التباعد، تقف المرجعيات المسيحية العليا شبه متفرجة أو غير آبهة لاسباب غير واضحة أو مبررة، من دون أن تحاول تحقيق أية خطوة لتضييق الفجوات، أو العمل بجدية تامة لإقفال النوافذ التي قد تتسلل منها عودة أجواء الحرب اللعينة التي لم تبق حجراً على حجر من التوافق والأخوة المسيحية، خصوصاً وأن كل الاجواء توحي بان العلاقات بين هذه الاطراف لن تكون أفضل ما بعد الانتخابات نتيجة للندوب البليغة التي تتركها بصمات التجاذبات الانتخابية والسهام المسمومة الخارجة عن أي مألوف!.

Post Author: SafirAlChamal