هل يستجيب الحريري لصرخة ميقاتي بإنقاذ طرابلس من سموم النفايات؟… غسان ريفي

باتت أزمة النفايات في طرابلس وتداعياتها الكارثية لجهة إنهيار قسمين من حائط دعم المكب الذي بلغ إرتفاعه نحو 43 مترا، والروائح النتنة التي تحمل السموم في كل أرجاء المدينة، تشبه الى حد بعيد أغنية الأطفال الشهيرة: ″السلم عند النجار.. والنجار بدو مسمار.. والمسمار عند الحداد.. والحداد بدو بيضة.. والبيضة عند الدجاجة.. والدجاجة بدها قمحة.. والقمحة بالطاحونة″.

مسؤولية هذه الأزمة الخطيرة التي تهدد سلامة الطرابلسيين ما تزال ضائعة، بين المكب ومعمل الفرز، (بقسميه: فرز النفايات والتسبيخ)، والمسلخ، في حين أن إتحاد بلديات الفيحاء يضع الأمر في عهدة مجلس الانماء والاعمار الذي يضع المسؤولية في عهدة وزارة التنمية الادارية التي بدورها تعيد كرة الأزمة الى إتحاد بلديات الفيحاء، أما الحكومة التي يؤكد رئيسها في كل مرة إهتمامه بطرابلس، فيبدو أنها في ″الطاحونة″ كونها لا تدري ماذا يحصل، وربما لا تسأل عما تتعرض له طرابلس من أوبئة وتلوث وسموم، لأن الوقت هو للشعارات الانتخابية الفارغة وليس للعمل والانقاذ.

منذ ثلاثة أشهر إتخذ مجلس الوزراء قرارا باقفال مكب النفايات بشكل نهائي بعدما بلغ إرتفاع الجبل الى ما يقارب 43 مترا، لكن هذا القرار لم ينفذ، وإستمر العمل في المكب، من دون أن تتابع الحكومة أو المراجع المختصة تنفيذ هذا القرار، أو أن تكلف نفسها عناء السؤال عنه، وعن البدائل التي إعتمدت للتخلص من النفايات أو كيفية معالجتها.

هذا الواقع يؤكد بما لا يدعو الى الشك بأن حكومة الرئيس سعد الحريري مستمرة في الامعان بحرمان وإهمال وتهميش طرابلس، والتعاطي معها ومع أهلها باستخفاف قل نظيره، وأنها لا تسأل عن كيمات الغازات السامة التي يتنشقها الطرابلسيون على مدار الساعات الـ 24، ما يهدد بأمراض سرطانية بدأت تظهر في بعض المناطق، في وقت يتلهى فيه الحريري وتيار المستقبل في كيفية النيل من منافسيهم في الانتخابات، وتلفيق الاتهامات لهم، بدل أن يواجهوا أبناء الفيحاء بالحقائق، وأن يعملوا على تحقيق إنجاز يُخرج طرابلس من أزمة التلوث التي تتخبط فيها.

لا أحد في طرابلس قادر على أن يحدد مصدر الروائح التي تجتاح المدينة من أقصاها الى أقصاها، وكل فريق يرمي المسؤولية على الفريق الآخر، فالشركة المشغلة للمكب تنفي أن تكون الروائح صادرة منه، فيما تؤكد الشركة المشغلة لمعمل الفرز والتسبيخ بأنها تنفذ عملها وفق دفتر الشروط وأن المعمل لا يُصدر أية روائح، في حين لا يوجد خبراء بيئيين أو شركة إستشارية مكلفين من قبل الحكومة لتحديد المسؤوليات، الأمر الذي يجعل هذا الملف ضائعا في الوقت الذي يدفع فيه الطرابلسيون الثمن من صحتهم وسلامتهم.

واللافت أن الرئيس الحريري يعد الطرابلسيين خلال ترويج مرشحيه للانتخابات النيابية، بأن يكون لهم حصة من القروض والهبات الدولية ومن المشاريع، ومن الـ 900 ألف فرصة عمل التي ستوفر لاحقا، بينما حكومته عاجزة وغير قادرة حتى الآن على تحديد المسؤوليات، في مسألة بسيطة تتعلق بالنفايات، أو بتحديد الجهة التي تتسبب بانتشار السموم في المدينة.

وكشف الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس نجيب ميقاتي في دارته أمس وضم إتحاد بلديات الفيحاء، وممثلو الشركات المشغلة للمكب ومعمل الفرز، إضافة الى الخبيرة في الهندسة البيئية ميرفت الهوز والسيد توفيق سلطان، أن الحكومة غير معنية بكل ما تشهده طرابلس من تلوث وأوبئة، وأن ملف النفايات يدار بطريقة خاطئة، إضافة الى فشل أول تجربة للتعاون بين القطاعين العام والخاص، حيث بدا واضحا من خلال النقاشات أن الدولة لم تف بالتزاماتها تجاه الشركة المشغلة لمعمل الفرز لجهة تأمين المساحة الكافية للأرض أو كميات النفايات التي يتم  فرزها يوميا، فضلا عن غياب أي إستشاري من قبل الدولة يمكن أن يضع حدا للقرارات الارتجالية المتعلقة باقفال وتشغيل المعمل، والتأكيد ما إذا كان المعمل يطبق دفتر الشروط أم لا.

هذا الواقع دفع الرئيس ميقاتي الى أن يدق ناقوس الخطر والى أن يرفع الصوت عاليا مطالبا الحكومة بأن تتحمل مسؤولياتها تجاه صحة أبناء مدينته طرابلس، وأن تمسك هذا الملف من كل جوانبه، وأن تعمل على ربط الجهات المعنية به ببعضها البعض لتحديد المسؤوليات ومعرفة مصدر الروائح والسموم.

كما دعا ميقاتي الى إقفال المعمل بصورة مؤقتة، والنظر بالتعويضات التي يمكن أن تقدم للشركة المشغلة، لحين إعادة تأهيله وتأمين المستلزمات الضرورية له، وتعيين إستشاري يقوم بواجبه كاملا لجهة الاشراف عليه وتأكده من تطبيقه لدفتر الشروط.

لكن السؤال المطروح، هل سيستجيب الرئيس سعد الحريري لصرخة الرئيس نجيب ميقاتي؟، أم أن الانتخابات النيابية ستكون أهم بالنسبة للحريري من صحة وسلامة مئات آلاف المواطنين الطرابلسيين الذين يتنشقون السموم بشكل يومي؟، ثم كيف سيكون موقف الطرابلسيين من الحريري في الانتخابات في حال إستمر الوضع على ما هو عليه؟..

مواضيع ذات صلة:

Post Author: SafirAlChamal