أين السلطة الحاكمة.. من حكومة الرئيس ميقاتي في إنتخابات 2005؟… غسان ريفي

لا يختلف إثنان على أن الانتخابات النيابية المقررة في 6 أيار المقبل، هي إنتخابات السلطة في مواجهة خصومها، وأن التيارات السياسية التي تتقاسم هذه السلطة اليوم، تُسخّر أجهزة الدولة وكل مؤسساتها وهيئاتها الرسمية في خدمة مصالحها الانتخابية لضمان عودتها الى مجلس النواب وعبره الى الحكم والحكومة.

لا يمكن فصل أي تحرك لأي من أركان السلطة عن الاستحقاق الانتخابي المنتظر، حتى أن مؤتمر ″سيدر″ الذي عقد في باريس يتم إستثماره في هذا الاطار، وكأن ما قدمته بعض الدول المشاركة فيه من أموال الى الخزينة اللبنانية، كان من أجل “سواد عيون” أهل السلطة، وليس دينا إضافيا على لبنان الذي إرتفع حجم مديونيته العامة الى ما يقارب 92 مليار دولار بعد إضافة 11 مليار دولار إليها، من دون أن يلوح في الأفق اللبناني أية إصلاحات يمكن أن تساهم في التخفيف من الهدر والفساد اللذين يلتهمان ميزانيات الدولة، ويهددان البلد بالافلاس.

ووفق قاعدة إن لم تستح فاصنع ما شئت، لا تتوانى الحكومة اللبنانية بتياراتها السياسية ووزرائها المرشحين للانتخابات النيابية عن إستخدام كل مقدرات الدولة في حملاتهم الانتخابية وصولا الى تحريك بعض الأجهزة ضد الخصوم، وإعتماد أسلوب الترهيب والرغيب الذي بات يشكل ردة فعل لدى الناخبين، التواقين لممارسة الديمقراطية الحقيقية وإختيار ممثليهم من دون أية ضغوط سياسية أو أمنية أو إجتماعية أو إقتصادية. 

بصراحة متناهية يهدد رئيس الحكومة سعد الحريري اللبنانيين بلقمة عيشهم وبتهميش مناطقهم، عندما يربط الانماء والتنمية وتنفيذ المشاريع الانتاجية وتأمين فرص العمل للشباب، بالتصويت لمرشحيه على لوائح المستقبل، الأمر الذي يفقده صفة رئيس الحكومة الجامع، الذي يجب أن يسعى الى تعميم الانماء على كل المناطق  بغض النظر عن إنتمائها السياسي ويحوله بالتالي الى طرف سياسي يسعى الى الانتقام من الذين يعارضوه وما أكثرهم اليوم لا سيما في المناطق ذات الثقل السني، بعدما أصيبوا بالاحباط من الوعود التي لم تتحقق على صعيد الانماء، ومن التنازلات السياسية.

ولا يختلف وزير الخارجية جبران باسيل عن حليفه رئيس الحكومة، حيث يقول خصومه أنه يصول ويجول في أرجاء العالم على حساب الدولة اللبنانية لزيادة حاصله الانتخابي من أصوات المغتربين، تحت عناوين مؤتمرات الطاقة الاغترابية، فضلا عن تسخيره كل مقدرات الدولة والوزارات المحسوبة على تياره، في خدمة أبناء دائرته الانتخابية لحثهم على التصويت له في البترون وللائحته في الكورة وبشري وزغرتا.

وعلى نفس المنوال يسير وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي وصف خصومه في دائرة بيروت الثانية بـالأوباش، ويأخذ عليه منافسوه بإستخدام كل إمكانات وزارته في دعم حملته، وحملات تيار المستقبل، وبنشر نشاطاته الانتخابية على الموقع الرسمي لوزارة الداخلية، فضلا عن تسجيل هؤلاء الكثير من المخالفات والتجاوزات، لا سيما على صعيد منح رخص البناء للموالين، إضافة الى بطاقات تسهيل المرور ورخص الزجاج الداكن.

يمكن القول أن السلطة المرشحة للانتخابات حولت الوزارات الخدماتية وغير الخدماتية الى مكاتب إنتخابية، ما دفع كثير من المرشحين المعارضين أو التيارات السياسية غير الممثلة في السلطة، الى التأكيد بأن هذه الحكومة غير مؤهلة وليست جديرة بالاشراف على هذه الانتخابات، وأن هيئة الاشراف على الانتخابات لن تستطيع أن تحصي عدد الطعون التي ستقدم بفعل التجاوزات التي تحصل.

في غضون ذلك، يشير بعض المتابعين الى أن أكثر الانتخابات نزاهة وشفافية كانت تلك التي أجريت في العام 2005، في عهد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي آثر حينها عدم الترشح أو ترشيح أي مقرب منه للانتخابات التي جرت في ظروف بالغة الدقة بعد إستشهاد الرئيس رفيق الحريري، كما منع ميقاتي أي وزرائه في الحكومة من الترشح، حيث كانت هذه الحكومة بشهادة الجميع على مسافة واحدة من كل الأطراف وعملت على تطبيق القوانين بحذافيرها من دون مراعاة أو محاباة لأي جهة سياسية.

يجمع كثير من المراقبين على أن الرئيس ميقاتي نال في تلك الانتخابات ثقة المجتمع الدولي، بعدما نجح كرجل دولة في نقل لبنان من ضفة التوتر الي كان يعصف به، الى بر الأمان على حساب مصلحته السياسية ومقعده الانتخابي في طرابلس، في حين أن ما يحصل اليوم هو عكس ذلك، حيث تتقدم مصالح أهل السلطة على كل المصالح الأخرى، الأمر الذي سيفقدهم مصداقيتهم حتى لو فازوا في الانتخابات.

ويقول هؤلاء: حبذا لو يتمثل الرئيس الحريري بالرئيس ميقاتي، في أن يكون رئيس حكومة كل اللبنانيين، ويكون على مسافة واحدة من الجميع، بالرغم من ترشحه للانتخابات.

مواضيع ذات صلة :

Post Author: SafirAlChamal