الحريري يعود إلى الشّمال لاستنفار قاعدته.. هل فات الأوان؟… عبد الكافي الصمد

راجت معلومات في الساعات القليلة الماضية عن أن رئيس الحكومة سعد الحريري، ينوي زيارة طرابلس والمنية والضنية وعكار في الأيام المقبلة، بهدف تفعيل ماكينته الإنتخابية وشدّ عصبها، قبل ما يقارب الشهر من موعد الإنتخابات النيابية المرتقبة في 6 أيار المقبل.

زيارة ″زعيم″ التيار الأزرق، التي لم يحدد موعدها بعد، إلى الشمال، تعتبر طبيعية ومنتظرة، لأن الوضع ″غير المريح″، شعبياً وانتخابياً، الذي يعاني تيار المستقبل، سواء على صعيد المرشحين أو القاعدة، يستدعي من الحريري القيام بهكذا زيارة كما جرت العادة في أي إنتخابات سابقة.

يدرك الحريري سلفاً أن وضع تياره في دوائر الشمال الثلاث غير مريح، وتحديداً في الدائرتين الأولى (التي تضم عكار) والثانية (التي تضم طرابلس والمنية والضنية)، ما يفرض عليه بذل محاولات حثيثة لتعويم مرشحيه، الذين يواجهون مشاكل وعقبات قد تقضي على أحلام معظمهم بالوصول إلى المجلس النيابي.

ويعرف الحريري والمقربين منه أكثر من سواهم أن الإنتخابات المقبلة ستكون مفصلاً لجميع القوى السياسية بلا استثناء، كما هي بالنسبة للبعض مسألة حياة أو موت، ويكفي في هذا المجال الإشارة إلى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، قد أعلن مؤخراً أنه قد يضطر للذهاب إلى دائرة بعلبك ـ الهرمل بنفسه، والقيام بجولات إنتخابية من بيت إلى بيت، للحوؤل دون خرق لائحته المتحالف فيها مع حركة أمل، في دائرة إنتخابية تعتبر الأكبر في لبنان، والمعقل الرئيسي لحزب الله، مع ما تحمله خطوة نصرالله من مخاطر على أمنه الشخصي.

فإذا كان هذا هو وضع حزب الله الذي يعتبر برأي أغلب المراقبين، الأقوى من بين الأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية الاخرى، و”الأكثر تماسكاً”، فكيف هو حال تيار المستقبل إذاً، وهو الذي يعاني من أزمات داخلية حادة ومن تراجع شعبيته، ومن إنشقاق وابتعاد كثيرين عنه، إضافة إلى أنه يواجه في هذه الإنتخابات منافسة قوية تهدد زعامته وآحاديته السياسية في الطائفة السنّية، لم تعترضه في إستحقاقي 2005 و2009؟.

في دائرة عكار مثلاً، وبرغم مجيء الحريري إليها شخصياً لإعلان لائحته الإنتخابية فيها، وأعقبه بقاء إبن عمته، الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري أربعة أيام فيها، يجول من بلدة إلى أخرى ومن بيت إلى بيت، محاولاً شدّ عصب جمهوره، فإن الحشود الشعبية التي توافدت لتعلن دعمها للوائح المنافسة للتيار الأزرق، وعلى رأسها لائحة الوزير السابق أشرف ريفي، ولائحة فريق 8 آذار، ولائحة التيار الوطني الحر والجماعة الإسلامية، أعطت إنطباعاً أن زمام الأمور بداً يفلت من أيدي الحريري وتياره في منطقة كانت تعتبر قلعة حصينة له.

وفي دائرة الشمال الثانية، يوقن الحريري أكثر من أي وقت مضى أن خسارة ثقيلة تنتظره فيها، وأن خوضه الإنتخابات وكأنها نزهة كما في استحقاقي 2005 و2009 قد أصبح من الماضي، خصوصاً أنه يواجه فيها خصوماً سوف يبذلون قصارى جهدهم من أجل رد اعتبارهم السياسي الذي سلبه الحريري وتياره منهم في حين غفلة.

هي المرة الأولى منذ 13 عاماً يجد الحريري نفسه وهو يضرب أخماساً بأسداس، بعدما وجد أن مناطق طرابلس والمنية والضنية قد تغيرت كلياً، وأنه سوف يواجه فيها منافسين ولوائح تمتلك من القوة والعصبية السياسية والمناطقية ما ليس في حوزته، وعلى رأسها الرئيس نجيب ميقاتي ولائحته، ولائحة الوزير السابق فيصل كرامي ـ النائب السابق جهاد الصمد، ولائحة الوزير السابق أشرف ريفي، ولائحة كمال الخير ـ التيار الوطني الحر، ولائحة تحالف مصباح الأحدب والجماعة الاسلامية، وغيرها من لوائح المجتمع المدني وحلفائه السابقين التي ستأكل من صحنه الأزرق تحديداً أكثر من غيره.

كل ذلك يستدعي من الحريري إعلان أقصى درجات الإستنفار والمجيء إلى الشمال، لا بل والمبيت فيه أياماً إذا لزم الامر، ولكن هل ما يزال في الوقت من متسع، أم أن القطار قد فات؟

مواضيع ذات صلة :

Post Author: SafirAlChamal