يخوض أول إنتخابات حقيقية: الحريري متوتراً… عبد الكافي الصمد

متوتر جدّاً بدا رئيس الحكومة سعد الحريري في خطابيّ إعلان لائحتيه في دائرتي الشمال الأولى (عكار) والثانية (طرابلس والمنية ـ الضنية)، وهو توتر لم يقتصر عليه وحده، بل امتد أيضاً ليشمل أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري، وبعض نواب ومرشحي التيار الأزرق في الشمال.

هذا التوتر الذي يرافق الحريري وفريق عمله ومرشحيه، يعود إلى أنه ليس مطمئناً لنتائج الإنتخابات النيابية المرتقبة في 6 أيار المقبل، فلجأ ومن معه لخطاب فيه الكثير من التحريض السياسي والطائفي والمذهبي، كما جرت العادة في كل إنتخابات نيابية، هذه المرة بسقف أعلى، مستعينين بعبارات تعكس قلقهم وهاجسهم، وتشير إلى وجود نقاط ضعف لديهم يحاولون حجبها بالضجيج والصراخ.. وصولاً إلى الشتائم.

أسباب هذا التوتر لدى الحريري وقيادته وجمهوره، ويمكن تلخيصها بالتالي:

أولاً: يدرك الحريري سلفاً أن وضع يده على أغلب نواب دوائر الشمال قد أصبح من الماضي، لأن قانون الإنتخابات الجديد القائم على النسبية والصوت التفضيلي لا يسمح له بذلك، وعليه فإنه لن يتمكن من الحفاظ على عدد نوابه الحاليين، البالغين 16 نائباً في دوائر الشمال الثلاث، وأنه وفق القانون الجديد لن يفوز بأكثر من نصفهم، في أحسن أحواله، ما جعله يتغافل نهائياً عن ترداد عبارته الشهيرة “زي ما هيي” التي كان يردّدها في دورتي إنتخابات 2005 و2009.

ثانياً: تعتبر دورة الإنتخابات المقبلة أول إنتخابات حقيقية يخوضها الحريري، فهو في دورتي 2005 و2009 خاض الإنتخابات بلا منافس فعلي، ووفق قانون أكثري، نظراً للتداعيات التي تركها إغتيال الرئيس رفيق الحريري وجعل الشارع السنّي، ومن وراءه اللبناني، بأغلبه ينجرف وراءه، ودفع خصوم الحريري وتياره إلى التنحي والعزوف عن الترشح، أو خوضهم الإنتخابات من باب تسجيل الموقف.

لكن الحريري يخوض الإنتخابات هذه المرّة وسط أجواء مختلفة، فالبوسطات والمحادل الإنتخابية لم يعد لها وجود، وخصومه لا يخوضونها هذه المرة لتسجيل الموقف، إنما يطمحون للفوز وتحقيق نتيجة تثبت قوتهم وحضورهم، وتعيد الحريري إلى أرض الواقع من خلال معرفته حجمه الإنتخابي الفعلي الذي كان في دورتي 2005 و2009 منفوخاً، ولأنه هذه المرّة يخوض الإنتخابات بمواجهة خصوم كثر وأقوياء، من أبرزهم الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي والقوى والشخصيات السنّية في فريق 8 آذار، ما جعله يلمس مسبقاً أن إستحقاق 6 أيار لن يكون نزهة بالنسبة له، وأن خسارة كبيرة تنتظره في صناديق الإقتراع.

ثالثاً: سقوط “رهبة” الحريري التي امتلكها في إنتخابات 2005 و2009، وأنه “إبن الشهيد” و”زعيم الطائفة” الذي تعتبر منافسته جريمة لا تغتفر، فأصبح خصومه اليوم لا يتردّدون في ردّ الصاع إليه صاعين، ومواجهته من موقع الندّ للندّ.

رابعاً: تراجع شعبية التيار الأزرق بسبب أزمته المالية الحادّة وأدائه السياسي والإنمائي المخيّب للآمال، وابتعاد الحلفاء عنه واحداً تلو الآخر، وخوضه الإنتخابات بلا حلفاء أو بالحدّ الأدنى منهم، ولم يبق له سوى السلطة ليستعين بها في وجه خصومه ومنافسيه، مستخدما إياها بأبشع صورها من التسلط والقهر والظلم والإستقواء.

خامساً: التناقض بين أقواله وأفعاله بشكل صارخ، ففي حين يدعو الحريري وتياره إلى الوحدة الوطنية، والحفاظ على “وحدة صف” الطائفة السنّية، تراه لا يتورّع أبداً في شقّ صفوف الأحزاب والعائلات، إلى حدّ أنه تبنى ترشيح الإبن في مواجهة والده، كما هو الحال مع النائب السابق وجيه البعريني ونجله وليد.

Post Author: SafirAlChamal