ميقاتي يسحب البساط من تحت أقدام الحريري.. ويواجه بـ”لائحة العزم”… غسان ريفي

mikati list2

كل شيء في مهرجان إعلان “لائحة العزم” في الدائرة الثانية شمالا (طرابلس، المنية والضنية) كان جديدا على أبناء تلك الدائرة، الذين وجدوا أنفسهم لأول مرة أمام لائحة طرابلسية المنشأ، شمالية الهوى، مستقلة القرار، ما رفع من منسوب العصَب والانتماء والتعاطف لديهم.

الرئيس نجيب ميقاتي تخلى عن دبلوماسيته المعهودة، وفتح معركة حقيقية لإستعادة القرار في هذه الدائرة، ليؤكد باطلالته الجديدة أن لديها قيادة سياسية فاعلة ومستقلة لا تحتاج وصيا ولا كفيلا، وليسحب بذلك البساط من تحت أقدام الرئيس سعد الحريري الذي لطالما حاول الهيمنة على هذا القرار والتحكم به عن بعد وفرض نفوذه من خلاله، فإذا بميقاتي “يقلب الطاولة” ويرسم سقفا حدوده بأن دائرة طرابلس والمنية والضنية، عصية على التطويع، وأنها بعد تشكيل “لائحة العزم”، لن ترضى بظلم ولن تقبل بتهميش ولن تسكت عن حرمان أو إهمال.

“لائحة العزم” هي أيضا جديدة، كونها اللائحة الأولى التي يشكلها الرئيس نجيب ميقاتي للانتخابات النيابية منذ دخوله المعترك السياسي ويرفع من خلالها سقف التحدي، وهي أول لائحة تعلن في لبنان بمهرجان رسمي وشعبي حاشد، وبمرجعية طرابلسية صرفة، وهي لائحة متنوعة تضم رئيس حكومة لمرتين في أصعب الظروف، ونائب، ووزيران سابقان ومناضل، وأخصائيين في مجالات شتى صحية وبيئية وإقتصادية ومصرفية وحقوقية، ما يجعلها قادرة على أن تكون فريق عمل متكامل لخدمة أبناء طرابلس والمنية والضنية، وكل الشمال.

تيار العزم كذلك أطل بشكل جديد، فقدم نفسه كتيار سياسي متمرس ملتزم بنهج الوسطية والاعتدال، يحمل نبضا شبابيا، قادر على تنظيم المهرجانات السياسية بكل حرفية ومن دون أي هفوة تذكر، من تجهيز القاعة في فندق “كواليتي إن” بأبهى صورة، الى الاستقبال وتوزيع الضيوف الى ضبط إيقاع المهرجان من بدايته حتى ختامه، واللافت أن تيار العزم لم ينظم مهرجانا شخصيا للرئيس ميقاتي ولائحته، بل كان المهرجان لـ”لائحة العزم” التي تضم ميقاتي وحلفائه، وقد حرص رئيس اللائحة على تقديم أعضائها برقيّ لافت، يؤكد الانسجام والتفاهم بين الجميع.

المهرجان كان أيضا من نوع جديد، فقد كان رسميا لاعلان “لائحة العزم” بحضور طرابلسي وشمالي متنوع، فاقتحمته حشود شعبية تحركت من مختلف المناطق بشكل عفوي، ملأت قاعات “كواليتي إن” وباحته الخارجية، ووصلت الى بعض الأحياء حيث وضعت شاشات عملاقة، ما دفع الرئيس نجيب ميقاتي الى الاعتذار من كل الحضور عن ضيق المكان، كاشفا “أننا لم نتمكن من إقامة المهرجان في معرض رشيد كرامي الدولي إلتزاما منا بالقانون الذي يمنع إستخدام الأماكن العامة لغايات إنتخابية”، غامزا في الوقت نفسه من قناة السلطة وتياراتها السياسية التي “تخرق القانون باستخدامها الأماكن العامة”، مذكرا بأنه “في العام 2005 عزف عن الترشيح للانتخابات النيابية لأنه كان رئيسا للحكومة”، ليعطي بذلك درسا في كيفية تطبيق القانون.

يمكن القول أن “لائحة العزم” أربكت الأجواء الانتخابية في الدائرة الثانية، كونها لائحة متجانسة خالية من الثغرات، وهي أطلقت مرحلة جديدة عنوانها “المواجهة لاعادة طرابلس رأسا في المعادلة السياسية في لبنان، كما كانت على مدار تاريخها، وتثبيت ثنائية الزعامة السنية، حيث كانت الفيحاء الشريكة الدائمة والأكثر حضورا في الحكومة.

هذا الأمر جسّده الرئيس ميقاتي يوم أمس بخطاب عالي النبرة، إستحضر فيه طرابلس في السياسة، وخلع ما كان يلبسه دائما من “كفوف”، فسمى الأشياء بأسمائها، ووضع النقاط على الحروف، ونصح بعدم رفع السقوف ثم التدحرج الى ما دون كل السقوف، وأضاء على أحداث طرابلس التي كان يهدف مفتعلوها الى عرقلة حكومته والاضرار بمدينته، ورسم في الوقت نفسه سقفا عاليا جدا وضع فيه الفيحاء وإمتدادها الاستراتيجي في المنية والضنية في موقع الند لكل المناطق اللبنانية “ما يحق لغيرنا بدو يحقلنا”، مقدما بعد ذلك رؤية سياسية وإجتماعية وإقتصادية وإنمائية من شأنها أن تضع طرابلس في مصاف المدن المتطورة، الفاعلة على المستوى السياسي، والمؤهلة لتكون عاصمة لبنان الاقتصادية.

إذا، أطلق ميقاتي العنان للمواجهة، وحجز للائحته الموقع الأول في وزارة الداخلية في الدائرة الثانية للانتخابات النيابية المقبلة، وإنتقل مع زملائه الى مرحلة التحضير والاستعداد ليوم الاستحقاق، واضعا الناخبين أمام مسؤوليتاتهم، مؤكدا أنه لبى رغبتهم بتشكيل “لائحة العزم”، داعيا إياهم الى التصويت لها بكثافة من أجل تغيير الواقع، لأن صوتهم هو الحل.

Post Author: SafirAlChamal