المستقبل وانتخابات 2018: ″الزعلانين أكتر من الراضيين″… عبد الكافي الصمد

يعاني تيار المستقبل من إنقسامات وخلافات داخلية في صفوفه لم يسبق أن عانى منها من قبل، ما يرسم صورة غير مشجعة عن واقع “التيار الأزرق” قبل نحو شهر ونصف من إستحقاق الإنتخابات النيابية المرتقبة في 6 أيار المقبل، وينذر بتداعيات سوف تترك ندوباً وتصدعات في جسم التيار لن تمحى بسهولة.

لكن هذه الإنقسامات ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكمات من الأخطاء والخطط والبرامج غير المجدية، ومن أشخاص تسلموا المسؤولية داخل تيار المستقبل من وزراء ونواب ومنسقين وكوادر وسواهم، ولم يكونوا على قدرها، ومن هوة إتسعت في الآونة الأخيرة بين قيادة التيار الأزرق وقاعدته، وصولاً إلى “مجزرة” إستغناء الرئيس سعد الحريري عن أغلب نوابه قبل نحو شهرين من الإنتخابات، واستبدالهم بمرشحين جدد، في خطوة فاجأت الأوساط الزرقاء، التي رأت أن تبديل الأحصنة في الأمتار الأخيرة من السباق لن يؤدي نتيجته الإيجابية المرجوة.

قرار القيادة الزرقاء “إبعاد” عدد كبير من نوابها عن لوائحها الإنتخابية هذه السنة، لم يكن السبب الوحيد في  بروز أجواء إستياء وتململ في قواعد التيار، بل سبق ذلك عدة أسباب لم تزل تداعياتها مستمرة حتى اليوم، وتنذر بالمزيد في المرحلة المقبلة.

تتداخل العوامل السياسية والإقتصادية والإنمائية وحتى الشخصية في هذه الأسباب التي شقّت تيار المستقبل وفرّقته إلى أجنحة وقوى تتصارع في ما بينها، بعدما تبيّن أن معظم الوعود الإنمائية لمناطق الفقر والأطراف وأحزمة البؤس قد بقيت حبراً على ورق، وأن كل ما حققه التيار هو أنه إستخدم هذه المناطق وقوداً وحطباً في صراعاته الداخلية إما من أجل عودته إلى السلطة، أو من أجل بقائه فيها.

دفع ذلك كثيرين إلى الإبتعاد عن صفوف التيار بشكل تدريجي، إما بلا ضجيج كما فعل النائب السابق بهيج طبارة، أو بعدما أحدث بلبلة وأزمة أدت إلى انشقاق كثيرين عن المستقبل والتحاقهم بمن انشقوا عنه وابتعدوا عن صفوفه، بعدما وجدوا أنه حاد ونأى عن مساره وخطه السياسي، وعن حلفائه في فريق 14 آذار، ويأتي على رأس هؤلاء النائب خالد ضاهر والوزير السابق أشرف ريفي، وقبلهما النائب مصباح الأحدب، حيث يستعد كل واحد منهم لمقارعة التيار إنتخابياً في دائرتين، هما عكار وطرابلس والمنية ـ الضنية، اللتين كان التيار الأزرق يعتبرهما قلعتين حصينتين له، فإذا بهما اليوم مشرعتين على كل الإحتمالات التي لا تسرّ القيادة الزرقاء.

وقبل أيام تلقى التيار الأزرق صفعة قوية في المنية بعدما رفض النائب كاظم الخير التنحي، واستبداله بمرشح آخر، فانشق عن صفوف المستقبل والتحق بتيار العزم، ما جعل التنافس حول مقعد المنية شديداً، وأحاط مصير النتائج في المنطقة بالغموض.

يضاف إلى ذلك العديد من المرشحين المحسوبين على تيار المستقبل، أو المقربين منه، الذين وعدوا أنفسهم، أو وعدتهم القيادة الزرقاء بتبنيهم في الإنتخابات المقبلة، لكنها لمّا أخلت بوعودها معهم لم ينسحبوا من حلبة التنافس، وأصرّوا على خوض الإنتخابات في مواجهتها، وسط إنقسام حاد في صفوف وقواعد التيار الأزرق، زاد منه إعتماد الصوت التفضيلي في الإنتخابات، ما سيجعل الذين على خلاف مع القيادة الزرقاء أكثر ممن هم على وئام معها، وهو مشهد دراماتيكي ينتظر أن يكون أكثر حدّة في المرحلة المقبلة، وصولاً إلى يوم الإستحقاق الإنتخابي في 6 أيار .. وما بعده.

Post Author: SafirAlChamal