الشيء وخلافه!… عبد الفتاح خطاب

في نطاق المؤتمرات التي تعقد حالياً وتباعاً، يُريد لبنان أن يبعث برسالة إلى العالم بأسره عن مدى الإستقرار فيه، ويريد أن يُعلم القاصي والداني من المستثمرين والسيّاح وطلبة العلم وقاصدي الإستشفاء وغيرهم أن الأمن مستتب وأن الأمور تجري على خير ما يرام.

مع ذلك نرى بعض الشوارع وقد تحوّلت إلى ثكنات محاطة بالحواجز الخرسانية والحجارة والعوائق الحديدية والبراميل والأسلاك الشائكة، ومزدانة بفسيفساء من لوحات كتب عليها ممنوع الوقوف وممنوع المرور، وهي على الأغلب مذيّلة بكلمة الجيش أو أمن السفارات أو أمن الدولة أو الحزب الفلاني، وأحياناً تكون مجهولة الهوية على شاكلة “ممنوع الوقوف تحت طائلة المسؤولية”!

والمؤسف أن الأمر يبدأ عادة عبر إحاطة وتطويق أمتار معدودة  بالحواجز، وسرعان ما تتسع المساحة لتصبح جزيرة أمنية غالباً ما تبتلع الشارع بأكمله وتقفله.

يحصل هذا بكل بساطة، لأن شخصية نيابية أو حكومية أو أمنية أو عسكرية أو قضائية أو دينية، حالية أو سابقة، تقطن في هذا الشارع أو لديها مكتب خاص أو سياسي، أو بسبب وجود مكتب لحزب أو جمعية.

وهناك شوارع عدّة قد جرى إقفالها بسبب وجود سفارة أو قنصلية، وربما دعا إلى ذلك في السابق حصول توتر عابر في العلاقات أو نقمة شعبية أو تهديد أو محاولة اقتحام أو تفجير، ثم عادت الأمور إلى مجاريها، وحلّ الوفاق والوئام في العلاقات ولكن رغم ذلك بقي الشارع مقفلاً مستعصياً على حركة المرور.

لا يمكننا في لبنان أن ندعو إلى الشىء وخلافه، ولا يُعقل أن نعلن قولاً ما وننفيه عبر أفعالنا، ولأن النوايا رديفة الأعمال والمظاهر ومرآة لها، فربما قد آن الأوان لإعادة النظر والتخفيف الجذري من المظاهر الأمنية بشكل لا يمسّ الفعالية والجوهر.

Post Author: SafirAlChamal