المستقبل في دائرة الشّمال الثانية: الخسارة واقعة حتماً… عبد الكافي الصمد

يستعد “تيار المستقبل” لتقبل خسارة كبيرة ستنزل به في الإنتخابات النيابية المقرّرة في السادس من أيار المقبل، وهو بات يهيّئ نفسه وجمهوره لهذه الخسارة، إلى حدّ لم يعد السؤال المطروح في أوساط “التيار الأزرق” هل نخسر في الإنتخابات أم لا، إنما بات السؤال: ما هو حجم الخسارة، وكيف يمكن التخفيف منها؟

معالم هذه الخسارة يتلمّسها مسؤولو ومناصرو “تيار المستقبل” بشكل واضح في دائرة الشمال الثانية، التي تضم طرابلس والمنية ـ الضنية، أكثر ممّا هي في بقية الدوائر في المناطق اللبنانية الأخرى، حيث الخسارة واقعة إنما بنسب  متفاوتة.

أسباب هذه الخسارة في هذه الدائرة كثيرة، يأتي على رأسها قانون الإنتخابات النيابية القائم على مبدأ النسبية والصوت التفضيلي، حيث لم يعد بإمكان “البوسطة الزرقاء” أن تحصد أغلب المقاعد النيابية، إذ حسب حسابات القانون الإنتخابي الجديد، فإن التيار الأزرق بالكاد سيحصل على أربعة مقاعد نيابية في أحسن أحواله، في هذه الدائرة التي تضمّ 11 مقعداً نيابياً، بعدما كان 8 نواب فيها من نصيبه في إنتخابات 2009، أي أن التيّار الأزرق سيخسر نصف مقاعده مسبقاً.

ثاني هذه الأسباب إستبدال قيادة “تيار المستقبل” أغلب مرشحيها في هذه الدائرة، إذ لم تبق سوى على ثلاثة نواب من مرشحيها الثمانية في إنتخابات 2009، ما أثار إستياء وامتعاضاً في صفوف المبعدين عن اللوائح الزرقاء، برز بشكل واضح في المنية، لما رفض النائب كاظم الخير إستبداله بالمرشح عثمان علم الدين، وانتقاله إلى صفوف “تيار العزم” الذي يرأسه الرئيس نجيب ميقاتي، المنافس الأبرز لـ”تيار المستقبل” في هذه الدائرة، ما أدى إلى خلط أوراق كبير في المنية، سيؤثر على نتائج الدائرة، ويجعل مصير مقعد المنية كما نتائج بقية مقاعد الدائرة مبهماً وغامضاً.

ثالث هذه الأسباب أن استبدال النوّاب بغيرهم من المرشحين، قوبل باحتجاج واسع في صفوف “القاعدة الزرقاء”، التي وجدت نفسها في بعض الدوائر مجبرة على التصويت لصالح مرشحين، كانوا حتى الأمس القريب من أبرز خصوم التيار، سياسياً وشعبياً، وتحديداً في دائرتي في عكار والبقاع الغربي.

هذا الإحتجاج بدأت أصواته تسمع علناً، ولم يبق أسير الجدران المغلقة، فهذا النائب السابق مصفى علوش، وعضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، يرى أنه “من غير المقبول أن يأتي التجديد على حساب المناضلين الشرفاء الذين ساهموا بتطوره وإعلاء شأنه واستبدالهم بأسماء أخرى، بعضها غير معروف والبعض الآخر لا يمت إلى التيار بصلة، حتى أنهم كانوا إلى الأمس القريب من الخصوم ومن المحسوبين على الجهات المعادية له”.

وأعرب علوش عن خشيته من “تراجع شعبية التيار في هذه الإنتخابات، جراء هذا التبديل المفاجئ في الأسماء”، مشيراً إلى أن “هناك بعض الأسماء كان يقتضي تغييرها لأنها استهلكت، لكن التغيير في الوجوه النيابية كان يفترض أن يتم إلى الأفضل وليس العكس”.

رابع هذه الأسباب أن “تيار المستقبل” لا يخوض الإنتخابات في هذه الدائرة، كما حصل في إنتخابات 2005 و2009، في مواجهة منافسين سنّة معارضين له، كان أبرزهم كلّاً من الرئيس الراحل عمر كرامي والنائب السابق جهاد الصمد، إنما لأن تيار المستقبل يخوض غمار هذه الإنتخابات بلا حليف (في مواجهة كرامي عبر نجله فيصل والصمد المستمر بكونه رقماً صعباً في الضنية في مواجهة التيار الأزرق)، كما حصل في إنتخابات 2009 عندما تحالف مع الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي، وبعدما بات ميقاتي من أبرز وأقوى منافسيه، وعزوف الصفدي، ولأن منافسين جدد برزوا بمواجهته بعضهم خرج من صلبه، أبرزهم الوزير السابق أشرف ريفي.

كل ذلك وغيره يجعل تيار المستقبل يسعى جاهداً للتخفيف من حجم خسارة باتت قدراً لا مفرّ منه.

Post Author: SafirAlChamal