ما هي المطالب السعودية التي سيعود بها الحريري من الرياض؟… غسان ريفي

أعطت زيارة موفد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا الى بيروت وجولته على عدد من القيادات والأحزاب السياسية مؤشرات واضحة حول عودة السعودية الى لبنان بالدرجة الأولى، والجهات التي ترغب التعاون معها في المرحلة المقبلة، وهي ربما وضعت جدول أعمال مسبق لزيارة الرئيس سعد الحريري الى الرياض، يتمحور حول علاقته بحلفاء المملكة وضرورة التنسيق معهم.

بدا واضحا أن الموفد الملكي زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الناحية البروتوكولية في لقاء رفع عتب لم يستمر أكثر من عشر دقائق، فيما لم يزر قيادة التيار الوطني الحر، فضلا عن إستبعاد حزب الله عن الزيارة وهو أمر طبيعي جدا، لكن ذلك لم يمنع العلولا من زيارة الحليف الأساسي لحزب الله الرئيس نبيه بري والاشادة به.

أما اللافت في الزيارة، فكان حرص الموفد الملكي السعودي على تقديم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بأنه الحليف المسيحي الأول للمملكة في لبنان، عندما أعلن من معراب “أننا هنا في بيتنا”، إضافة الى الاحتضان الكامل للرئيس ميشال سليمان، وحزب الكتائب، في الوقت الذي ما تزال فيه علاقة الحريري متوترة مع جعجع على خلفية أزمة رئيس الحكومة الأخيرة في السعودية، وشبه مقطوعة مع رئيس الكتائب سامي الجميل على خلفية المعارضة الشرسة التي يقودها ضد السلطة والحكومة، وهو يستعيض عن القطبين المسيحيين بعلاقة تعاون وتنسيق مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

أما سنيا، فجاءت الزيارات السعودية الى رؤساء الحكومات السابقين لتؤكد أن الكل يتساوون في علاقتهم معها، مع أفضلية للرئيس نجيب ميقاتي الذي إستمر إجتماعه بالموفد الملكي والوفد المرافق في دارته في بيروت أكثر من 45 دقيقة تخلله فطور، سمع خلاله الكثير من الاطراء مفاده، أن ميقاتي له “شعبية في السعودية وأن له محبة وتقدير وإحترام لدى الشعب السعودي”، مع وعد بأن تكون زيارته المقبلة في طرابلس، الأمر الذي فسره البعض بأنه “دلال” سعودي لميقاتي الذي كان أول قيادي عربي يهنئ ولي العهد محمد بن سلمان لدى تسلمه منصبه الجديد، وهو أمر من شأنه أن يربك الحريري الذي إعتاد على حصرية سياسية في السعودية، يبدو أنها باتت من الماضي.   

أمام هذا الواقع تتجه الأنظار الى ما ستحمله زيارة الحريري الى الرياض من نتائج، وما سيعود به رئيس الحكومة من مطالب سعودية، خصوصا أن السلوك السياسي السعودي في لبنان خلال زيارة الموفد الملكي أظهرت بما لا يدع للشك أن المملكة غير راضية عن علاقة الحريري مع التيار الوطني الحر، أو عن تعاونه مع حزب الله ضمن الحكومة، وأن الرغبة السعودية في أن يعود الى قواعده القديمة في 14 آذار وفي مقدمتها القوات وحزب الكتائب.

ويطرح ذلك سلسلة تساؤلات لجهة: هل يمكن للحريري أن يفك تحالفه مع التيار الوطني الحر، وأن يعيد القوات والكتائب الى حضنه كرمى لعيون السعودية التي قد تفرج عن مساعداتها المالية له؟، وفي حال حصل ذلك، ماذا سيكون مصير الحكومة؟، وماذا عن التعهدات التي يلتزم بها الحريري مع التيار البرتقالي؟، وماذا عن المشاريع المشتركة من نفق سليم سلام الى بواخر الكهرباء؟، وماذا عن الجميل الذي يحمله الحريري لرئيس الجمهورية ووزير الخارجية جبران باسيل على خلفية حمايته في أزمته السعودية والحفاظ على موقعه في رئاسة الحكومة؟، وهل يدفع إلتزام الحريري بمطالب السعودية الى الاستقالة من الحكومة والى تشكيل حكومة إنتخابات يكون رئيسها ووزراؤها من غير المرشحين؟، أم أن ذلك سيكون سببا لتأجيل هذا الاستحقاق مجددا، خصوصا أنه من المعروف أن السعودية غير راضية عن القانون الانتخابي؟.

يقول مطلعون: إن الحريري لا يستطيع أن يقدم ذلك الى السعودية أقله قبل الانتخابات النيابية، وأن كل هذه الأمور ستكون مؤجلة الى ما بعد هذا الاستحقاق الذي من المفترض أن يفرز موازين قوى جديدة خصوصا على الصعيد السني، عندها إما أن يكون الحريري على قدر المطالب السعودية، أو أن تكون خيارات المملكة مفتوحة على كل الاحتمالات.

Post Author: SafirAlChamal