الضنّية: خريطة سياسية وانتخابية وشعبية جديدة… عبد الكافي الصمد

لا يشبه المشهد السياسي القائم اليوم في الضنّية عشية الإنتخابات النيابية المرتقبة بعد قرابة شهرين ونيّف، المشهد الذي كان سائداً قبل آخر دورة إنتخابات نيابية جرت عام 2009، بعد تغييرات كثيرة، في الشكل والمضمون، طرأت على الخريطة السياسية والإنتخابية في المنطقة.

فالإنتخابات النيابية السابقة جرت وفق قانون الستين القائم على النظام الأكثري، وبعد إتفاق الدوحة الذي جاء نتيجة توافق سوري ـ سعودي، أو ما عُرف حينها بمعادلة “السين ـ سين” الذي أسفر عن إنتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية بعد فراغ رئاسي إمتد أكثر من سنة وبضعة أشهر في منصب رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس الأسبق للجمهورية العماد إميل لحود، وفي ظل أجواء تمويل مالي خارجي ضخم جداً للإنتخابات، جعل صحفاً غربية مرموقة تكشف أن إستحقاق 2009 في لبنان كلّف مالياً أكثر مما تكلفته الإنتخابات الرئاسية الاميركية التي جرت عام 2008، والتي ناهزت 650 مليون دولار!

كما أن إنتخابات عام  2009 في الضنية إقتصر التنافس الإنتخابي فيها بين ركنين: تيار المستقبل في مواجهة النائب السابق جهاد الصمد، الذي إستطاع منفرداً الحصول على قرابة 36 % من أصوات ناخبي دائرته الإنتخابية المتمثلة حينها بقضاء المنية ـ الضنية، وذلك بعد إنسحاب أغلبية مرشحي الدائرة حينها، بعد ضغوط مارسها بقوة التيار الأزرق عليهم لسحب ترشيحاتهم، ما جعل الساحة تخلو له.

لكن تغييرات كثيرة شهدتها الساحة الضنّاوية منذ نحو تسع سنوات، جعل المشهد السياسي والشعبي والإنتخابي فيها ينقلب رأساً على عقب، وظهرت مؤشرات عديدة أعطت مؤشراً أن الوضع القائم فيها لن يبقى على حاله، بسبب قانون الإنتخابات النيابية الجديد القائم على مبدأ النسبية والصوت التفضيلي.

فالقانون الإنتخابي الجديد خلط الأوراق في الضنية، كما هو الحال في بقية الدوائر والمناطق، إذ مقابل إلغاء البوسطات والمحادل وتجيير الأصوات، فإنه أسهم في تعزيز الآمال بكسر آحادية تمثيل تيار المستقبل نيابياً للمنطقة في دورتي 2005 و2009، وفتح الباب واسعاً أمام إحتمالات التغيير وكشف الأحجام الشعبية والإنتخابية لجميع المرشحين، وللقوى والأحزاب والتيارات السياسية.

التنافس إنتخابياً في 6 أيار المقبل لن يبقى في الضنية مقتصراً على التيار الأزرق والصمد، بعد دخول قوى سياسية على الساحة الضنّاوية أبرزها الرئيس نجيب ميقاتي الذي تبنى مرشحين من المنطقة على لائحته، هما محمد آغا الفاضل وجهاد يوسف، من شأنهما أن يشكلا قلقاً قوياً وإضافياً لمرشحي تيار المستقبل خصوصاً في منطقة الجرد، إضافة إلى الوزير السابق أشرف ريفي الذي سيشكل تبنيه مرشحين من المنطقة تهديداً للتيار الأزرق لأنه سيأكل إنتخابيا من صحنه، إضافة إلى الجماعة الإسلامية الذي عزز القانون الإنتخابي حظوظ رئيس مكتبها السياسي النائب السابق أسعد هرموش، فضلاً عن مرشحي المجتمع المدني الذين سيأكلون أيضاً من صحن المستقبل الإنتخابي.

كل ذلك يجعل توقع النتائج التي ستفرزها صناديق الإقتراع صعباً، لكن مؤشرات أولية تدلّ على أن وضع تيار المستقبل متراجع كثيراً، وأنه سيخسر أحد نائبيه: أحمد فتفت الذي يتجه لترشح نجله سامي، أو قاسم عبد العزيز، وأن الصمد يعتبر الرقم الصعب في المنطقة، وأن تحقيق مرشحي ميقاتي مفاجأة على حساب مرشحي المستقبل أمر غير مستبعد أبداً، وهو أمر يسري أيضاً على هرموش، ما يجعل الإنتظار سيد الموقف بانتظار أن تقول صناديق الإقتراع كلمتها.

Post Author: SafirAlChamal