روسيا تتقدم في سوتشي.. وأميركا تُصعِّد بعد فشلها في فيينا

خرجت الأزمة السورية إلى العلن في الأمم المتحدة التي لم تستطع أن لا تعترف بأنَّ أول نصر دبلوماسي على مستوى مفاوضات السلام في سوريا قد تحقق في سوتشي الروسية بعد فشل مؤتمر فيينا الذي كان برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها، والذي لم يُقدم أي شيء يُذكر في سبيل التقدم نحو تحقيق السلام نظرًا لطرحه العديد من النقاط غير القابلة للتطبيق.

بين فيينا وسوتشي تتضح النوايا المخفية للدول المتصارعة في سوريا، فمصلحة الروس الواضحة منذ دخولهم الصراع كان تثبيت الإستقرار وعدم التخلي عن حليفها الأول في المنطقة الرئيس السوري بشار الأسد، دون أن ننسى حماية مصالحها الإقتصادية عبر تحصينها للمياه الإقليمية المُطلة على سوقها الدولية للغاز الطبيعي الذي تصدره نحو أوروبا، والذي يُشكل عصب الإقتصاد الروسي.

أما في المقلب الآخر تعمل الولايات المتحدة على حبك عقدة جديدة مقابل أي عقدة يحاول الروس فكها في الحرب السورية، من هنا يأتي التطور العسكري الجديد الذي تدفع به الولايات المتحدة وحلفاءها من دول الخليج ممن يغذون الصراع عبر دعم مجموعات مسلحة، لم يكترث أصحاب المال يومًا للنتائج التي سيتكبدها الشعب السوري بسبب دعمهم هذا، سواءً من تأجيج الصراع عبر تقوية هذه المجموعات من جهة، أو من ردة فعل التحالف الروسي- السوري-الإيراني- التركي من جهةٍ أُخرى، حيث يعتبر المحور الأميركي- الخليجي أنَّ مشاهدة نزيف الدم السوري أمام المجتمع الدولي بمثابة ضربة للنظام من أجل تجريده من شرعيته. 

أما في ما يخص النظام الحاكم في سوريا، فقد كان لمؤتمر سوتشي دور في فرض شرعيته وعدم القبول بما يقدمه الفريق الأميركي- الخليجي من حلول وهمية، مع الحفاظ على حق الشعب السوري عبر النقاط التالية:

١- ثبَّتَ مؤتمر سوتشي حق الشعب السوري في تقرير مصيره عبر صناديق الإقتراع المفتوحة للجميع وبرعاية الأمم المتحدة عند دخول عملية السلام حيز التنفيذ. 

٢- أكدَّ مؤتمر سوتشي على أن نجاحه أتى من خلفيته الأساسية والتي كان عنوانها الرئيسي “الحوار السوري- السوري”

٣- ساهم مؤتمر سوتشي بجمع أطراف الصراع حول المبعوث الدولي ديمستورا، وذلك عندما وضع بعهدته خلاصة النجاح الذي حققه. 

٤- فرض مؤتمر سوتشي على المعارضة السورية التي لم تحضر المؤتمر أن تلعب دورها في اللجنة الدستورية التي ستبدأ عملها في عهدة الأمم المتحدة. 

٥- أكدَّ مؤتمر سوتشي على أنَّ عمل اللجنة الدستورية سيكون عبر مضمونها، بالتالي لن تقبل روسيا أن يُفرض عليها ما حملته الدول التي إجتمعت في فيينا. 

٦- حمى مؤتمر سوتشي سوريا من التقسيم المزعم فرضه من قبل الولايات المتحدة ودول الخليج. 

٧- قطع مؤتمر سوتشي الطريق أمام الولايات المتحدة وحلفاءها في المتاجرة بمشروع إعادة إعمار سوريا وذلك من خلال طرح مشروع اللامركزية الذي سيساهم بإعادة إعمار متوازن وخلق إستقرار طويل الأمد في سوريا. 

أمريكا تأجج الصراع بعد فيينا، فيأتيها الرد:

بعد فشلها في مؤتمر فيينا، لم يكن أمام السياسة الأمريكية سوى الرد في الميدان السوري عبر أذرعها، وفي المجتمع الدولي عبر الضغوطات على الشعب الروسي هذه المرة. 

في الميدان، حركت الولايات المتحدة الجبهات التي تربطها وحلفاءها علاقات عسكرية من أجل تأجيج الصراع، خاصة بعد تمسك الخارجية الأميركية بتواجدها العسكري في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، لكي تؤمن بذلك دعم عسكري ولوجستي للمجموعات المسلحة والمتطرفة منها، بحيث تعتقد بأنها بذلك تضغط على روسيا في الميدان. من هنا بدأت الأمور تعود لتتدهور بحيث عادت لتشتعل جبهة دير الزور، عفرين، الغوطة الشرقية، كما عادت المجموعات المتطرفة لتحرك نفسها عبر الإمدادات العسكرية والمادية من دول الخليج العربي الذين تحركهم الخارجية الأميركية. كذلك وفي لعبة الميدان، أثبتت الدفاعات الجوية السورية أنَّها لم تتأثر بحرب الداخل، وأنَّ حدودها مع العدو الإسرائيلي مُحصنة أكثر من ذي قبل، الأمر الذي أحرج الولايات المتحدة التي لطالما روجت كثيرًا في الداخل الإسرائيلي أن النظام السوري قد إنتهى منذ زمن، كما وجهت الضربة الجوية لإسرائيل رسالة روسية غير مباشرة مفادها أنَّ الغاز الطبيعي الذي تنتجه إسرائيل غير مسموح له دخول السوق الأوروبيّة.

بعد الضغط العسكري، الضغط الإقتصادي:

لا تنفك الولايات المتحدة عن محاربة الإقتصاد الروسي داخل وخارج روسيا خاصة بعد نجاح مؤتمر سوتشي، فكانت الوجهة الأمريكية هذه المرة نحو المجتمع الروسي بشكل مباشر، بحيث بدأت الحملة التي إختلقتها الولايات المتحدة بذريعة تدخل شخصيات روسية بالإنتخابات الأميركية الأخيرة، بحيث الهدف من ذلك الأمر هو بدأ ما يسمى بالعقوبات والحظر الإقتصادي والمالي غير المباشر عبر تقويض حركة السوق الروسية من خلال إطلاق هذا النوع من التهم المفبركة، هذا الضغط الإقتصادي تعمل الولايات المتحدة على تسويقه من أجل تحريك الرأي العام الروسي الداخلي ليضغط على النظام الروسي في معركته الخارجية من جهة، ومحاصرة الإقتصادي الروسي بطريقة غير مباشرة من جهةٍ أخرى. 

المكاسب السياسية لروسيا بعد مؤتمر سوتشي:

يتمايز الوجود الروسي عن الأميركي في المنطقة بالغاية التي أدت إلى تواجد هذه القوى في هذه المنطقة من العالم، يهدف التواجد الأميركي في المنطقة إلى فرض سيطرته على الثروات الطبيعية بشتى الطرق الممكنة وأهمها زرع الفتن المذهبية، في وقتٍ أتت روسيا لتضبط إيقاع التفلت الذي نشرته الولايات المتحدة، خاصةً بعدما بدأ يشكل خطرًا على الأمن القومي الرّوسي. إنطلاقًا منه كان لروسيا مكاسب سياسية عديدة من ما أنجزته في سوتشي، فمن جهة فرضت الحل السياسي كحل أوحد وبديل أمام المجتمع الدولي ووضعته على طريق التنفيذ، ومن جهةٍ أُخرى كسبت روسيا تأييدًا واسعًا من الرأي العام العربي المضطلع سياسيًا على تفاصيل الملف السوري، وبدأت بنسج خيوط تقارب مهمة جدًا في المنطقة عززت ثقة الشارع العربي بها، خاصة بعدما أسقطت الدفاعات الجويّة السورية الطائرة الحربية الإسرائيلية. 

اليوم وبعد النجاحات التي تحققها روسيا في الشارع السوري، ستسعى الولايات المتحدة إلى تأجيج الصراع أكثر فأكثر محاولة عرقلة عملية السلام وإقحام التحالف الروسي-الإيراني-السوري- التركي في معارك جديدة، كل ذلك يأتي خدمةً لمشروعها الذي يهدف إلى ضرب روسيا من جهة، وتقسيم الشرق الأوسط عبر زرع الفتنة والدمار من جهةٍ أُخرى.

الدكتور المهندس زكريا أحمد حمودان

مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والأبحاث

خرجت الأزمة السورية إلى العلن في الأمم المتحدة التي لم تستطع أن لا تعترف بأنَّ أول نصر دبلوماسي على مستوى مفاوضات السلام في سوريا قد تحقق في سوتشي الروسية بعد فشل مؤتمر فيينا الذي كان برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها، والذي لم يُقدم أي شيء يُذكر في سبيل التقدم نحو تحقيق السلام نظرًا لطرحه العديد من النقاط غير القابلة للتطبيق.

بين فيينا وسوتشي تتضح النوايا المخفية للدول المتصارعة في سوريا، فمصلحة الروس الواضحة منذ دخولهم الصراع كان تثبيت الإستقرار وعدم التخلي عن حليفها الأول في المنطقة الرئيس السوري بشار الأسد، دون أن ننسى حماية مصالحها الإقتصادية عبر تحصينها للمياه الإقليمية المُطلة على سوقها الدولية للغاز الطبيعي الذي تصدره نحو أوروبا، والذي يُشكل عصب الإقتصاد الروسي.

أما في المقلب الآخر تعمل الولايات المتحدة على حبك عقدة جديدة مقابل أي عقدة يحاول الروس فكها في الحرب السورية، من هنا يأتي التطور العسكري الجديد الذي تدفع به الولايات المتحدة وحلفاءها من دول الخليج ممن يغذون الصراع عبر دعم مجموعات مسلحة، لم يكترث أصحاب المال يومًا للنتائج التي سيتكبدها الشعب السوري بسبب دعمهم هذا، سواءً من تأجيج الصراع عبر تقوية هذه المجموعات من جهة، أو من ردة فعل التحالف الروسي- السوري-الإيراني- التركي من جهةٍ أُخرى، حيث يعتبر المحور الأميركي- الخليجي أنَّ مشاهدة نزيف الدم السوري أمام المجتمع الدولي بمثابة ضربة للنظام من أجل تجريده من شرعيته. 

أما في ما يخص النظام الحاكم في سوريا، فقد كان لمؤتمر سوتشي دور في فرض شرعيته وعدم القبول بما يقدمه الفريق الأميركي- الخليجي من حلول وهمية، مع الحفاظ على حق الشعب السوري عبر النقاط التالية:

١- ثبَّتَ مؤتمر سوتشي حق الشعب السوري في تقرير مصيره عبر صناديق الإقتراع المفتوحة للجميع وبرعاية الأمم المتحدة عند دخول عملية السلام حيز التنفيذ. 

٢- أكدَّ مؤتمر سوتشي على أن نجاحه أتى من خلفيته الأساسية والتي كان عنوانها الرئيسي “الحوار السوري- السوري”

٣- ساهم مؤتمر سوتشي بجمع أطراف الصراع حول المبعوث الدولي ديمستورا، وذلك عندما وضع بعهدته خلاصة النجاح الذي حققه. 

٤- فرض مؤتمر سوتشي على المعارضة السورية التي لم تحضر المؤتمر أن تلعب دورها في اللجنة الدستورية التي ستبدأ عملها في عهدة الأمم المتحدة. 

٥- أكدَّ مؤتمر سوتشي على أنَّ عمل اللجنة الدستورية سيكون عبر مضمونها، بالتالي لن تقبل روسيا أن يُفرض عليها ما حملته الدول التي إجتمعت في فيينا. 

٦- حمى مؤتمر سوتشي سوريا من التقسيم المزعم فرضه من قبل الولايات المتحدة ودول الخليج. 

٧- قطع مؤتمر سوتشي الطريق أمام الولايات المتحدة وحلفاءها في المتاجرة بمشروع إعادة إعمار سوريا وذلك من خلال طرح مشروع اللامركزية الذي سيساهم بإعادة إعمار متوازن وخلق إستقرار طويل الأمد في سوريا. 

أمريكا تأجج الصراع بعد فيينا، فيأتيها الرد:

بعد فشلها في مؤتمر فيينا، لم يكن أمام السياسة الأمريكية سوى الرد في الميدان السوري عبر أذرعها، وفي المجتمع الدولي عبر الضغوطات على الشعب الروسي هذه المرة. 

في الميدان، حركت الولايات المتحدة الجبهات التي تربطها وحلفاءها علاقات عسكرية من أجل تأجيج الصراع، خاصة بعد تمسك الخارجية الأميركية بتواجدها العسكري في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، لكي تؤمن بذلك دعم عسكري ولوجستي للمجموعات المسلحة والمتطرفة منها، بحيث تعتقد بأنها بذلك تضغط على روسيا في الميدان. من هنا بدأت الأمور تعود لتتدهور بحيث عادت لتشتعل جبهة دير الزور، عفرين، الغوطة الشرقية، كما عادت المجموعات المتطرفة لتحرك نفسها عبر الإمدادات العسكرية والمادية من دول الخليج العربي الذين تحركهم الخارجية الأميركية. كذلك وفي لعبة الميدان، أثبتت الدفاعات الجوية السورية أنَّها لم تتأثر بحرب الداخل، وأنَّ حدودها مع العدو الإسرائيلي مُحصنة أكثر من ذي قبل، الأمر الذي أحرج الولايات المتحدة التي لطالما روجت كثيرًا في الداخل الإسرائيلي أن النظام السوري قد إنتهى منذ زمن، كما وجهت الضربة الجوية لإسرائيل رسالة روسية غير مباشرة مفادها أنَّ الغاز الطبيعي الذي تنتجه إسرائيل غير مسموح له دخول السوق الأوروبيّة.

بعد الضغط العسكري، الضغط الإقتصادي:

لا تنفك الولايات المتحدة عن محاربة الإقتصاد الروسي داخل وخارج روسيا خاصة بعد نجاح مؤتمر سوتشي، فكانت الوجهة الأمريكية هذه المرة نحو المجتمع الروسي بشكل مباشر، بحيث بدأت الحملة التي إختلقتها الولايات المتحدة بذريعة تدخل شخصيات روسية بالإنتخابات الأميركية الأخيرة، بحيث الهدف من ذلك الأمر هو بدأ ما يسمى بالعقوبات والحظر الإقتصادي والمالي غير المباشر عبر تقويض حركة السوق الروسية من خلال إطلاق هذا النوع من التهم المفبركة، هذا الضغط الإقتصادي تعمل الولايات المتحدة على تسويقه من أجل تحريك الرأي العام الروسي الداخلي ليضغط على النظام الروسي في معركته الخارجية من جهة، ومحاصرة الإقتصادي الروسي بطريقة غير مباشرة من جهةٍ أخرى. 

المكاسب السياسية لروسيا بعد مؤتمر سوتشي:

يتمايز الوجود الروسي عن الأميركي في المنطقة بالغاية التي أدت إلى تواجد هذه القوى في هذه المنطقة من العالم، يهدف التواجد الأميركي في المنطقة إلى فرض سيطرته على الثروات الطبيعية بشتى الطرق الممكنة وأهمها زرع الفتن المذهبية، في وقتٍ أتت روسيا لتضبط إيقاع التفلت الذي نشرته الولايات المتحدة، خاصةً بعدما بدأ يشكل خطرًا على الأمن القومي الرّوسي. إنطلاقًا منه كان لروسيا مكاسب سياسية عديدة من ما أنجزته في سوتشي، فمن جهة فرضت الحل السياسي كحل أوحد وبديل أمام المجتمع الدولي ووضعته على طريق التنفيذ، ومن جهةٍ أُخرى كسبت روسيا تأييدًا واسعًا من الرأي العام العربي المضطلع سياسيًا على تفاصيل الملف السوري، وبدأت بنسج خيوط تقارب مهمة جدًا في المنطقة عززت ثقة الشارع العربي بها، خاصة بعدما أسقطت الدفاعات الجويّة السورية الطائرة الحربية الإسرائيلية. 

اليوم وبعد النجاحات التي تحققها روسيا في الشارع السوري، ستسعى الولايات المتحدة إلى تأجيج الصراع أكثر فأكثر محاولة عرقلة عملية السلام وإقحام التحالف الروسي-الإيراني-السوري- التركي في معارك جديدة، كل ذلك يأتي خدمةً لمشروعها الذي يهدف إلى ضرب روسيا من جهة، وتقسيم الشرق الأوسط عبر زرع الفتنة والدمار من جهةٍ أُخرى.

الدكتور المهندس زكريا أحمد حمودان

مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والأبحاث

Post Author: SafirAlChamal