هل يشرّع السباق الانتخابي الفوضى ومخالفة القوانين من رموز السلطة؟… عمر ابراهيم

لطالما شكلت الانتخابات النيابية مصدر دخل مالي، وفرصة لتحقيق المطالَب المشروعة وغير المشروعة بالنسبة لشرائح من المجتمع، ولكل منهم مبرراته بين من يراها مناسبة لابتزاز السياسيين وبين من يبحث عن ″واسطة″ تساعده في الحصول على حقوقه او حتى على مخالفة القانون، طالما ان الفرصة سانحة لتحقيق ذلك.

ولأن الانتخابات مناسبة طالت هذه المرة لفترة ثماني سنوات بسبب التمديد للمجلس النيابي على ثلاث دفعات لدورة كاملة اربع سنوات، فان الاثمان ستكون باهظة على المرشحين ومنهم من سيدفع ضرائب على فترة غيابه، لا سيما الذين هجروا شارعهم وتركوا ناخبيهم بعد وصولهم الى البرلمان، او بالنسبة للطامحين والمرشحين الجدد الذين سيخوضون لأول مرة غمار هذه التجربة.

نواب وقوى سياسية كثيرة هجرت طرابلس واقضية الشمال، وآخرون واصلوا عملهم خدماتيا وانمائيا وصحيا وتربويا، وهؤلاء قد تكون الفاتورة اقل كلفة عليهم، مقارنة بمن ترك واليوم عاد، وربما البعض منهم حاول استباق اي محاولات لابتزازه فأعلن انه سيخوض الانتخابات من دون مال، في ما بدا لقطع الطريق على الذين يتربصون به، ويحاولون تعويض فترة غيابه ونكسه لوعوده.

ومع اقتراب موعد الانتخابات بدأت حسابات الناخبين تنصب في كيفية تحصيل ما أمكن من المكاسب، كما بدأت ماكينات المرشحين تفتح أبواب مكاتبها وتستقبل اتصالات المراجعين، وتحديدا بالنسبة للقوى السياسية النافذة في السلطة، التي تحاول استغلال نفوذها في خدمة حملاتها الانتخابية بدءا من رأس هرم السلطة وصولا الى البلديات مرورا بمكاتب الوزراء والمحافظين وبعض القيادات في اجهزة الدولة.

وتشهد مكاتب نواب ومرشحي السلطة، اقبالا لافتا من قبل المواطنين، بحثا عن وظيفة او لتغطية مخالفة او لالغاء ضبط او تخفيض قيمته، فضلا عن التوسط لموقوفين، أو غيرها من المطالب، التي كانت بالامس القريب تخضع لتطبيق القوانين، ويعتبر تجاوزها ″خط احمر″ اما اليوم فيبدو ان الضرورات تبيح المحظورات، وإرضاء الناخب غاية لا تدرك.

لا يقف الامر عند هذا الحد، فقد بدأت تشهد بعض القرى والبلدات حركة عمرانية بتغطية من البلديات التي تخضع لهذا الفريق السياسي او ذاك، او بطلب من مرجعية حكومية او شخصيات نافذة في السلطة، ويتوقع البعض ان يكون هكذا نوع من الخدمات بديلا عن المال او عن الشعارات السياسية، التي ذهبت مع مرور الزمن بفعل التقلبات في المواقف والتحالفات، وتحديدا شعار العداء لسوريا وحزب الله، الذي سقط عند البعض بمفعول رجعي، وبات تعويض خسارته تتطلب نشاطا مكثفا واستغلال كل السلطات لتعويض الناخبين.

هذا الواقع ينسحب أيضا على طرابلس، التي بات حديث مقاهيها يدور حول المرشحين وإمكاناتهم وخلفياتهم وتحديدا الجدد منهم او الذين غابوا عنهم، ومنهم من يفكر بالانتقام منهم ″ لو دفعوا ثقلهم مال″، ومنهم من يبحث عن كيفية الإفادة منهم قدر المستطاع للتعويض عن غيابهم، حيث علق احد الظرفاء بالقول″ هالمرة راح نشويهم قبل ما يشوونا″.

Post Author: SafirAlChamal