نور الفيحاء تضغط على الحكومة.. لماذا حرمان طرابلس من الكهرباء؟… غسان ريفي

كلما أثيرت أزمات الكهرباء ومعضلاتها في مجلس الوزراء، تعود شركة ″نور الفيحاء″ التي أسسها الرئيس نجيب ميقاتي مع عدد من شخصيات وفاعليات طرابلس الى الواجهة، لتكشف حجم المؤامرة التي تتعرض لها المدينة من خلال حجز ملف هذه الشركة التي من شأنها أن تؤمن التيار الكهربائي للفيحاء وجوارها على مدار 24 ساعة في أدراج وزارة الطاقة.

لا يقتصر هذا الأمر على بعض التيارات السياسية الموجودة في السلطة والتي تتعاطى مع طرابلس بكيدية واضحة، ولا تريد لها أن تنعم بهذا الانجاز الذي يغنيها ويرفع عن كاهل أهلها معاناة التقنين القاسي والعشوائي، بل إن قيادات طرابلسية تحرص في كل مناسبة على التقليل من شأن ″نور الفيحاء″ وصولا الى إستهدافها، وذلك لأسباب سياسية وإنتخابية، بدل أن يكونوا في مقدمة المدافعين عنها والساعين للافراج عن ملفها، إنطلاقا من مسؤوليتهم تجاه الطرابلسيين الذين يطلب هؤلاء ثقتهم مجددا في الانتخابات النيابية المقبلة.

لم يعد خافيا على أحد، أن ملف ″نور الفيحاء″ إستوفى كل الشروط الفنية والقانونية منذ فترة طويلة، ووفقا للمعايير التي وضعها مجلس إدارة شركة كهرباء لبنان..

وبحسب الدراسات التي أعدها مهندسون وخبراء من بريطانيا، فان الشركة قادرة على تأمين التيار الكهربائي لطرابلس ومحيطها في نطاق إمتياز شركة كهرباء قاديشا في فترة أقصاها تسعة أشهر، وبكلفة أقل من تلك التي تقدمها البواخر بعشرين في المئة، كما أنها ستساهم في تحسين التغذية في مناطق لبنانية أخرى، بتوفير الطاقة الكهربائية التي تعطيها كهرباء لبنان الى طرابلس.

أمام هذا الواقع لم يعد يوجد أي سبب يدفع وزارة الطاقة الى عدم البت في هذا المشروع الحيوي لطرابلس، خصوصا أن الرئيس سعد الحريري أكد في أكثر من مناسبة أن لبنان يحتاج الى خطة طارئة لتأمين 800 ميغاوات وبأي وسيلة سريعة بهدف تأمين الطاقة بصورة مستدامة، كما دعا أكثر من مرة كل من لديه البدائل أن يتقدم بها، لدراستها.

قدمت شركة نور الفيحاء البديل، وهي قادرة على أن تعطي 200 ميغاوات، وذلك منذ تشكيل الحكومة التي أهملت ملفها، وتركته أسيرا في أدراج وزارة الطاقة، ما يطرح علامات إستفهام عما إذا كانت هذه الحكومة جدية في تأمين الكهرباء للبنان عموما ولطرابلس خصوصا، وعما إذا كان الرئيس الحريري جادا في التفتيش عن البدائل السريعة لتأمين التيار الكهربائي.

قبل فترة سنة وعشرة أشهر تقدمت “نور الفيحاء” بطلب الى شركة قاديشا، عارضة عليها تزويدها بكمية من الكهرباء تكفي مدينة طرابلس، وكان رد قاديشا أنها تريد من الشركة زيادة الانتاج لتغطي جزءا من عكار والضنية والمنية والكورة، وهو نطاق امتياز قاديشا.

سارعت الشركة الى تعديل الخرائط والمستندات القانونية اللازمة بما يتناسب مع طلب شركة كهرباء قاديشا وقدمته مجددا الى مجلس إدارتها الذي أبدى موافقته، واستعداده لاستئجار “نور الفيحاء” ووضعها على الشبكة العامة، وأرسلت قاديشا الملف كاملا الى مجلس إدارة شركة كهرباء لبنان الذي عمل على دراسته ووافق عليه، وأرسل رئيسه المهندس كمال الحايك كتابا الى وزارة الطاقة يقترح فيه الموافقة على المشروع   وابلاغ شركة “نور الفيحاء” بذلك، ومن ثم الانتقال الى المراحل التعاقدية”.

كل ذلك بات يطرح سلسلة تساؤلات، لجهة: كيف يمكن لشركة كهرباء قاديشا أن توافق على مشروع “نور الفيحاء”؟، وكيف يمكن لشركة كهرباء لبنان أن تقترح على وزارة الطاقة أن تتبناه وتسير به؟، وكيف يمكن لهذا المشروع أن يناقش في مجلس النواب؟، وكيف يمكن للرئيس نجيب ميقاتي أن يضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في تفاصيل المشروع وعدم السير به في وزارة الطاقة؟، إذا لم يكن المشروع جديا ومتكاملا ويستوفي كل الشروط الفنية والقانونية المطلوبة.

كما يؤكد ذلك، أن ما تطرحه شركة “نور الفيحاء” يجعلها جزءا أساسيا من الخطة التي أعلن عنها الرئيس سعد الحريري والقاضية بتأمين 800 ميغاوات في أسرع وقت ممكن لتحسين التغذية الكهربائية، لا سيما بعد إصدار مجلس النواب قرار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يمكن للدولة أن تستفيد من القطاع الخاص الذي تمثله “نور الفيحاء” في تأمين 200 ميغاوات، بدل اللجوء الى البواخر التي تصفها قيادات سياسية لبنانية بـ “الصفقة المشبوهة”

في الوقت الذي تستعد فيه طرابلس لتكون عاصمة لبنان الاقتصادية، تمعن الحكومة في حرمانها من أبسط حقوقها من الانماء الذي يبدأ بتأمين التيار الكهربائي الذي يشكل عصب الحياة والاقتصاد، الأمر الذي من المفترض أن يضع التيارات السياسية المسؤولة عن هذا الحرمان والاهمال بحق طرابلس أمام المساءلة والمحاسبة!.

Post Author: SafirAlChamal