كيف سيتعاطى الحريري مع نوابه المغضوب عليهم؟… غسان ريفي

يدرك كثير من نواب ″كتلة المستقبل″ أن الانتخابات النيابية المقبلة ستبعدهم عن البرلمان، إما بسبب حظوظهم شبه المعدومة في تجديد ″الوكالة الشعبية″ المعطاة لهم، وذلك بفعل القانون الجديد الذي سيعبد الطريق أمام مرشحين آخرين للوصول الى ساحة النجمة على حسابهم، أو بسبب قرار الرئيس سعد الحريري بمحاسبة النواب الذين لم يلتزموا بتوجهاته سواء في إنتخاب الرئيس ميشال عون، أو في الاستحقاقات السياسية الأخرى.

تتردد معلومات أن ″التيار الوطني الحر طلب من الرئيس الحريري إستبعاد كل النواب الذين لم يلتزموا بقرار إنتخاب الرئيس ميشال عون من اللوائح الزرقاء في الانتخابات النيابية المقبلة، وأنه وافق على هذا الطلب وبدأ بتنفيذه.″

وبغض النظر عن صحة هذه المعلومات أو عدمها، فإن الحريري منذ إنتهاء أزمته في السعودية وعودته الى لبنان وتراجعه عن الاستقالة التي فرضت عليه هناك، بدأ يعيد حساباته تجاه كثير من نوابه لا سيما أولئك الذين لم تكن مواقفهم على مستوى الحدث السعودي، وإنتظروا ترجيح كفة الميزان بين سعد وشقيقه بهاء ليبنوا على الشيء مقتضاه.

يدرك الحريري أن غيابه القسري عن لبنان لسنوات، ومن ثم تحولاته السياسية وصولا الى خروجه عن معظم أقطاب 14 آذار، قد ساهم في تأجيج الصراع ضمن كتلته النيابية وتياره، ما أدى الى تشكيل مراكز نفوذ داخلهما، حتى أن بعض النواب الزرق تمادوا في التمايز بمواقفهم عن ″زعيم تيارهم″ وصولا الى التناقض معه ومع خياراته، وقد بدا ذلك جليا خلال أزمة الحريري في السعودية التي كشفت له الكثير من معادن نوابه، وصولا الى شعوره بأن عدم تشدده في ضبط جماعته كاد أن يكلفه غاليا لولا وجود ثلة من المخلصين الذين شكلوا له مظلة أمان في لبنان وتحركوا على كل صعيد لاخراجه من أزمته.  

لذلك، وبعد عودته من السعودية، ضرب الحريري يده على الطاولة ليقول للجميع: ″الأمر لي″، خصوصا أنه بات على قناعة بأن القانون الانتخابي الجديد سيؤدي الى تقليص عدد كتلته بشكل كبير، فإذا إستمر التفلت الحاصل فيها، فإن تأثيرها السياسي سيكون ضعيفا جدا، خصوصا أن الحريري يطمح للعودة الى رئاسة الحكومة مجددا، وهو لن يستطيع ذلك في حال كان لنواب كتلته خيارات سياسية مختلفة عن خياراته، أو في حال كان ضمن كتلته مراكز نفوذ من شأنها أن تنعكس سلبا على حضوره وهيبته.

تشير المعلومات الى أن الحريري إتخذ قرارا بعدم ترشيح عدد لا بأس به من نوابه الحاليين للانتخابات المقبلة، لكنه حتى الآن لم يبلغ أحدا بأنه غير مرغوب بترشيحه، ربما كي لا يثير حفيظتهم ويدفعهم الى الانقلاب عليه والتحالف مع خصومه أو المتمردين عليه، وربما كونه لا يزال غير متأكد من إجراء الانتخابات في موعدها وبالتالي فهو لا يريد أن تسوء علاقته مع هؤلاء النواب الذين سيحتاجهم في حال حصل تمديد رابع، أو ربما يترك الأمور للتسويات والتحالفات التي ستحدد ترشيح البعض في دوائرهم أو عدمه، أو ربما أيضا يريد شراء الوقت لقطع الطريق على النواب المبعدين وعدم تمكينهم من القيام بأي حركة إنقلابية ضده.

لذلك، فإن كثيرا من نواب المستقبل يتريثون في إطلاق حملاتهم وماكيناتهم الانتخابية، بانتظار وصول “الضوء الأخضر” من الرئيس الحريري بترشيحهم، باستثناء وزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر اللذان تجاوزا كل ذلك وأعلنا ترشيحهما وإنطلقا في حملاتهما الانتخابية، وكذلك وزير العمل محمد كبارة الذي لا يعتبر من ضمن تيار المستقبل، وإنما هو حليف يشكل رافعة شعبية حقيقية للتيار الأزرق في طرابلس.

تشير مصادر مطلعة الى أن الحريري قد يتريث في إعلان أسماء مرشحي تيار المستقبل للانتخابات النيابية المقبلة في ذكرى إستشهاد والده في 14 شباط، بانتظار أن ينتهي من وضع اللمسات الأخيرة على لائحة النواب المغضوب عليهم.

Post Author: SafirAlChamal