في طرابلس طلاب أبناء ست.. وآخرون أبناء جارية… عمر ابراهيم

..وكأنه كتب على أبناء المناطق الشعبية في التبانة والحارة البرانية والزاهرية والأسواق القديمة وغيرها من مناطق طرابلس، ان يدفعوا فاتورة تقصير الدولة مضاعفة عن أقرانهم في سائر مناطق لبنان، وأن يعيشوا الخوف بكل صنوفه على أمنهم ومصدر رزقهم ومستقبل أولادهم في تأمين فرص عمل او مقاعد دراسية ربما يحتاج الوصول اليها لدى بعض الطلاب سلوك طريق الجلجلة.

مئات الطلاب ممن حرمتهم سياسات حكومات الطائف من الإنماء المتوازن، واستكترت عليهم ابسط حقوقهم في مدارس حكومية يتوفر فيها الحد الأدنى من الشروط التربوية، يضطرون يوميا الى ترك منازلهم وما يترتب على ذلك من نفقات مالية على اهاليهم لتأمين وسائل النقل، للوصول الى المدارس في عمق المدينة التي باتت تشهد اكتظاظا لافتا يشكل ضغطا على الهيئتين الإدارية والتعليمية ويؤثر على مستوى إستيعاب الطلاب.

وعلى قاعدة اطلب العلم ولو في الصين، تأقلم طلاب تلك المناطق مع رحلاتهم اليومية، لكن ما يلفت الانتباه هو إمعان الدولة في تجاهل هذه الشريحة من المواطنين وعدم الاكتراث لكل ما يتهددها من مخاطر ويواجهها من مصاعب، وهو ما يتجسد على ارض الواقع امام مجمع المدارس المحيطة بمبنى بلدية طرابلس، حيث تجتمع كل اشكال الفوضى اثناء دخول وخروج الطلاب الذين يقدرون بالمئات من كل الأعمار ومن الجنسين الذكور والإناث.

امام هذه المدارس، طوابير من السيارات وفانات نقل الطلاب وسيارات بلدية طرابلس ودراجات نارية وشبان يتسكعون على الطرقات لملاحقة الفتيات، كل ذلك يحصل من دون ان تكلف الأجهزة الامنية نفسها في انتداب عناصر لتنظيم السير وحماية الطلاب ولا حتى البلدية، التي لا يتطلب الامر منها سوى إرسال بعض العناصر على مسافة أمتار قريبة منها لتأمين عملية دخول الطلاب الى المدارس وخروجهم منها بسلام وأمان.

مشهد الطلاب يشكل صدمة لا سيما الاطفال الذين ينتشرون في الطرقات وبين السيارات وامام الدراجات النارية، على نحو يحبس أنفاس المارة من خطر أن يتعرضوا للدهس وهو امر متوقع حصوله في اي لحظة.

والأنكى من ذلك، أنه رغم العدد الكبير للطلاب في تلك المدارس، ورغم حالة الفوضى التي باتت حديث الطرابلسيين في تلك الشوارع اثناء انتهاء الدوام المدرسي خصوصا، لم يحرك ذلك ساكنا لدى المسؤولين، في حين أن مدارس خاصة ينتشر أمامها عناصر شرطة السير لتأمين طلابها، وكأن هؤلاء أبناء ست والفقراء من طلاب المدارس الرسمية أبناء جارية.

هذا المشهد اليومي والمخاطر التي تحيط بالطلاب لا يمكن وصفها ببعض الكلمات، ولا ينتظر ان تحرك الدولة ساكنا تجاه مناشدات الأهالي لحماية اولادهم بشكل عام وبناتهم بشكل خاص من المضايقات التي يتعرضن لها من ″الزعران″ والتي اضطرت العديد من الأهالي الى اتخاذ قرار بمنع فتياتهم من التوجه الى المدرسة، في ما بدا على ان الامر لا يزعج المسؤولين وربما بسياساتهم يدفعون أبناء تلك المناطق الى ترك المدارس، ما يجعل المدينة تحتل رقما قياسيا في نسب التسرب المدرسي، وهنا جزء من المسؤولية قد يقع على عاتق الأهالي وجزء اخر تتحمل مسؤوليته حكومات الطائف الممعنة في حرمان تلك المناطق.

Post Author: SafirAlChamal